نويت إن لم تقضني حقي من أجل أنه قد أنكر، إلا أنه قد قيل: إنه تقبل منه البينة بعد الإنكار، وهو قول مالك في كتاب التخيير والتمليك من المدونة، وفي رسم كتب عليه ذكر حق من سماع ابن القاسم، وفي رسم الطلاق من سماع أشهب، وفي رسم الكبش من سماع يحيى منه، ومن كتاب الأيمان بالطلاق، فيحتمل أيضا أن يتأول جوابه في هذه المسألة على هذا القول؛ لأنه قال فيه: أرى أن يحلف أن الذي قالا ليس بجوابي الذي شهدا به علي من أني قد حنثت فيما حلفت به، إذ قد فارقت غريمي ولم أرفعه إلى ابن أبي سلمة ليس بحق؛ لأني إنما أردت ألا يفارقني حتى يعطيني حقي، فنواه في يمينه وهو قد أنكرها، وساق يمينه على المعنى، والنص فيها أن يقول: بالله ما أردت أن استئذاني عليه إلا إن لم يعطني، وذلك هو الذي نويت في يميني، وقد أعطاه إياه فلا حنث عليه، وبالله التوفيق.
[مسألة: شهادة الأعمى]
مسألة وسئل مالك: عن شهادة الأعمى هل تجوز شهادته؟ قال: نعم، إذا عرف ذلك وأثبته، وقد كان ابن أم مكتوم رجلا أعمى إماما مؤذنا على عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فإذا أثبت الأعمى ما شهد عليه جازت شهادته، قال مالك: وكذلك الرجل إذا شهد على المرأة من وراء الستر قد عرفها، وعرف صوتها، وأثبتها قبل ذلك فشهادته جائزة عليها.
قال مالك: وقد كان الناس يدخلون على أزواج رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد موته وبينهم حجاب يسمعون منهن ويحدثون عنهن، وقد سأل أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وأبوه، عائشة وأم سلمة، وهما من وراء الحجاب، ثم أخبرا عنهما.
قال الإمام القاضي: مثل هذا في كتاب اللعان من المدونة