ولم تكن قبل ذلك في وثاق. وأما تنويته في عدد ما أراد من الطلاق فيتخرج ذلك على قولين في المذهب، إذ لا فرق في المعنى بين قوله حبلك على غاربك أو قد سرحتك لأنه إذا سرحها فقد ألقى حبلها على غاربها، وإذا ألقى حبلها غاربها فقد سرحها. وقد قالوا في سرحتك إنه ينوى في المدخول بها أو غير المدخول بها، فإن لم تكن له نية فهي ثلاث، وقيل: إنها واحدة في التي لم يدخل بها إذا لم تكن له نية.
[هبة الثواب]
في هبة الثواب قال مالك عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قال: من وهب هبة فهو أحق بهبته حتى يثاب بها.
قال محمد بن رشد: معناه في هبة الثواب، بدليل قوله في الموطأ: من وهب هبة لصلة رحم أو على وجه صدقة فإنه لا يرجع فيها، ومن وهب هبة يرى أنه إنما أراد بها الثواب فهو على هبته يرجع فيها إذا لم يرض منها.. وقد اختلف في هبة الثواب هل من حق الواهب أن يمسكها حتى يقبض ثوابها كالسلعة المبيعة التي له أن يمسكها حتى يقبض ثمنها، أوليس له ذلك ويلزمه أن يدفعها إليه ثم يطلبه بثوابها؟ فقيل من حقه أن يمسكها حتى يأخذ ثوابها، وهو ظاهر قول عمر بن الخطاب هذا في هذا الحديث؛ وقيل: ليس له أن يمسكها ويلزمه أن يدفعها ثم يطلبه بثوابها، وهو ظاهر قول عمر بن الخطاب في حديث الموطأ. وعلى هذا الاختلاف يأتي اختلافهم في هل تدخل الهبة بالعقد في ضمان الموهوب له أم لا، والقول في هذه المسألة مستوفى في كتاب المقدمات، وبالله التوفيق.