نبت حتى يستقل؛ لأن البقل إذا استقل فقد حل بيعه، وما حل بيعه فلا يجوز مساقاته، وقوله في الفجل أو الِإسفنارية إِن المساقاة فيهما جائزة معناه قبل أن يحل بيعهما، إذ لا تجوز المساقاة فيما يحل بيعه.
وأما قوله إن الجائحة لا توضع في قليل ذلك حتى يبلغ الثلث فبعيد، وما في المدونة من أن الجائحة توضع في قليل ذلك وكثيره أصح؛ لأن بيعه لا يحل حتى يبلغ مبلغ القلع، فَلَهُ حكمُ البقول في وضع الجائحة فيه، قيل إنه يوضع القليل والكثير، وقيل: إنه لا يوضع القليل ولا الكثير، وقيل إنه لا يوضع إلا الكثير الثلث فصاعدا وبالله التوفيق.
[مسألة: مساقاة النخل بعد أن يبدو صلاحها]
مسألة قال وقال سحنون: لا بأس بمساقاة النخل بعد أن يبدو صلاحها.
قال محمد بن رشد: قولُ سحنون هذا خلافُ مذهب ابن القاسم وروايته عن مالك في المدونة؛ لأنه نص فيها على أن ذلك لا يجوز لأن فيه منفعة لرب الحائط، والمنفعة التي له في ذلك سقوطُ الجائحة عنه؛ لأن الثمرة إذا أجيحت في المساقاة لم يكن له قيام بالجائحة وكان بالخيار بين أن يتمادى على مساقاته أو يخرج عنها، بخلاف الِإجارة التي له أن يرجع فيها إذا أجيحت الثمرة بإجارة مثله فيما عمل، وإنما أجاز ذلك سحنون لأنه رآها إجارة أخطأ في تسميتها مساقاة، فأجازها على حكم الِإجارة من وجوب الرجوع بحكم الجائحة فيها، ولم يجزها ابن القاسم لأنه راعى تسميتها إياها مساقاة إذ حكم المساقاة لا يرجع فيها بالجائحة فرآها إجارة فاسدة يجب