بكر بن زرب أنه كان يقول في رجل هلك وأحاط بوراثته زوجه وبنوه منها، فشهد الشهود أنهم يعرفون عين الزوجة، ولا يعرفون أعيان البنات، إن شهادتهم جائزة، واستدل على ذلك برواية عبد المالك هذه قال: ولو قال الشهود إنهم يعرفون أعيان البنات، ولا يعرفون عين المرأة لم تجز الشهادة؛ لأن البنات محمولات على الحجاب، ولذلك يعذر الشهود في ذلك، وتنفذ شهادتهم. والزوجات لسن محمولات على الحجاب كالبنات، ولذلك فرقت بينهما وليس قوله بصحيح، لا فرق في هذا بين الزوجات والبنات. والذي جرى به العمل ألا يكلف الحاكم الشهود على الموت والوراثة، الشهادة على أعيان الورثة ابتداء، لا الزوجة ولا غيرها، حتى يحتاج إلى الإعذار إليهم فيما يثبت عليهم أو على الميت الذي ورثوه، فحينئذ يكلف الشهود الشهادة على أعيانهم ليعذر إليهم، فإن لم يثبتوا أعيانهم لم يصح له الحكم عليهم، إلا أن يثبت أعيانهم عنده بغيرهم، وكذلك إن ماتوا أو غابوا، هذا الذي لا يصح سواه والله أعلم.
[مسألة: الرجل يبتلى بالجذام هل لامرأته الخيار في الطلاق]
مسألة قال: وسألت عبد الله بن وهب عن الرجل يبتلى بالجذام ونسأل الله العافية، فترفع امرأته أمرها إلى السلطان، ويكون المبتلى حينئذ ليس بفاحش المنظر، غير أنه بين به لا يشك فيه فهل لامرأته الخيار. إذا كان شيئا لا شك فيه؟ فإنه بلغنا أنه لا يكون لها الخيار حتى يكون من ذلك ما لا قرار عليه، وليس على شيء منه صبر ولا قرار إذا استيقن به. فما حد ذلك الذي إذا بلغه كان لامرأته الخيار واجبا؟ والمجنون الذي لا يفيق إذا كان يخاف أذاه، أو كان ممن لا يخاف ذلك منه. هل لامرأته الخيار أيضا إذا أرادت فراقه؟ وإن كان ينفق عليها من ماله إذا كان الجذام بينا عند الناس لا شك فيه،