بأكثر مما يقر به على نفسه أن يكون القول قول المقتضي؛ لأنه لم يقر أنه قبض منه إلا ما له عليه، وهو قول ابن الماجشون نصا في هذه المسألة بعينها.
ويقوم من هذه المسألة أن من كان له حق على رجل بوثيقة فدفع الذي عليه الحق ذلك الحق إلى الذي له الحق ودعا إلى قبض الوثيقة منه أو تخريقها أن ذلك ليس له، وإنما له أن يشهد عليه وتبقى الوثيقة بيد صاحب الدين؛ لأنه يدفع بها عن نفسه، إذ لعل الذي كان عليه الدين يسترعي بينة قد سمعوا إقرار صاحب الدين بقبضه منه أو حضروا دفعه إليه ولم يعلموا على أي وجه كان الدفع، فيدعي أنه إنما دفع إليه ذلك المال سلفا أو وديعة ويقول هات بينة تشهد لك أنك إنما قبضت ذلك مني لحق واجب لك، فبقاء الوثيقة بيده وقيامه بها يسقط عنه هذه الدعوى التي تلزمه.
وكان شيخنا الفقيه أبو جعفر - رَحِمَهُ اللَّهُ - يقيم ذلك فيما أخبرني عنه غير واحد من أصحابنا وأنا أشك أن أكون سمعته منه من آخر مسألة من كتاب المديان من المدونة، وهو كلام صحيح، إلا أن محمد بن عبد الحكم يرى أنه من الحق أخذ الوثيقة وقطعها، وهو قول عيسى بن دينار في بعض روايات العتبية، وقول أصبغ في الواضحة مثله في المرأة تقوم على ورثة زوجها بكتاب فيه بقية صداقها وليس بكتاب نكاحها إذا أخذت ما فيه نقدا ولم تأخذ عما فيه أرضا أو عقارا، ولا أعلم من يخالفهم في ذلك نصا، وإنما اختلف أصحاب مالك في كتاب النكاح إذا قامت به على ورثة زوجها وقبضت ما كان لها فيه من حق وأبت من دفعه، فقال مطرف: إن للورثة قبضه منها وقطعه، وقال أصبغ: ليس ذلك لهم.
وأما إذا أبى الذي بيده الوثيقة من الإشهاد على نفسه بقبض ما فيها وقال للذي كان عليه الدين خذ الوثيقة أو قطعها فتلك براءتك، فليس ذلك له ويلزمه الإشهاد على نفسه، يقوم ذلك من غير ما مسألة، منها مسألة في رسم العرية من هذا السماع، وبالله التوفيق.
[: المشتري يرد بالعيب فلم يقبض ثمنه من البائع حتى فلس والعبد بيده]
ومن كتاب أوصى أن ينفق على أمهات أولاده وقال في عبد بيع فباعه مشتريه ثم فلس وقد خرج عن ملكه