وأما إن وهبته شيئا من مالها سوى المهر، فادعت أنها أرادت بذلك للثواب، فاختلف في ذلك على ثلاثة أقوال:
أحدها: إنها لا تصدق، إلا أن يظهر من صورة الحال ما يدل على صدقها، وهذا نص قوله في المدونة.
والثاني: إنها لا تصدق ولا يكون لها الثواب، إلا أن تشترطه، ووجه هذا أن هبة كل واحد من الزوجين لصاحبه محمولة على أنه إنما وهبته ليتأكد ما بينهما من المودة والمحبة.
والقول الثالث: إنها تصدق وإن لم يظهر ما يدل على صدقها كالأجنبيين. حكى هذا القول عبد الوهاب في المقدمات. وبالله التوفيق.
[مسألة: الرجل يتصدق على ابنه بأم ولده]
مسألة وسئل: عن الرجل يتصدق على ابنه بأم ولده، لا تكون تلك الصدقات شيئا ولا تكون بذلك حرة؛ لأنها قد ثبت لها ولاء لا يزول، فلا يحرمها ذلك على أبيها.
قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قاله؛ لأن أم الولد لا تباع ولا توهب، إذ ليس لسيدها فيها سوى الاستمتاع بالوطء، طول حياته، ولو تزوج أمة فولدت منه ثم اشتراها فوهبها لابنه بعد أن أعتق لعتقت عليه بالملك.
[مسألة: تضع عن زوجها مهرها على أن يحجها]
مسألة وسئل ابن القاسم: عن رجل سأل امرأته أن تضع عنه مهرها، فقالت له: إن حملتي إلى أهلي فهو عليك صدقة، فتصدقت به عليه على أن يحملها إلى أختها وكانت مريضة، ثم بدا له أن يحملها بعدما وضعت عليه الصداق، فخرجت هي من غير إذنه، فصارت إلى أختها، هل ترى الصداق له؟ قال: إن كانت خرجت مبادرة إليها لتقطع بذلك ما جعلت لزوجها فلا شيء عليه، وإن كان بدا له في حملها وأبى أن يسير بها وعلم ذلك، رجعت عليه بما وضعت عنه.