فذلك له؛ لأنه هو الذي يوجبه الحكم، وليس لرب الطعام أن يضمنه إياه في البلد الذي كان عليه أن يحمله إليه. وأما على القول بأن الكراء يفسخ بتلف الشيء المستأجر على حمله فلا يجوز أن يأخذ منه مثل الطعام في البلد الذي كان عليه أن يحمله إليه وإن رضيا بذلك جميعا؛ لأنه يكون قد اشترى منه الطعام بذلك البلد بالطعام الذي وجب له حيث تعدى عليه، وبالكراء الذي يجب له به الرجوع عليه. وقد قيل: إن قول ابن القاسم في هذه المسألة على القول بأن الثوب إذا تلف عند القصار قبل أن يقصره أو بعد أن قصره يغرم قيمته مقصورا، ويكون له أجر قصارته خلاف مذهبه في المدونة؛ لأنه قال فيها: إنه ليس لرب الثوب أن يضمنه قيمته مقصورا ويغرم له أجر قصارته، فأنزل الجمال على حمل الطعام منزلة الصانع لكونه ضامنا له، فقال: إنه يضمن مثل الطعام في البلد الذي كان عليه أن يحمله إليه، ويكون له الكراء كما يكون على الصانع قيمة الثوب مصنوعا ويكون له أجره. ومثله قول ابن القاسم في سماع أصبغ من كتاب تضمين الصناع أن الطحان يضمن ما نقص من الدقيق دقيقا، ويكون له أجرته، ويأتي القول على هذا مستوفى في موضعه من السماع المذكور إن شاء الله، والتأويل الأول في مسألتنا أصح وأظهر من جهة المعنى، والتأويل الثاني أسعد بظاهر اللفظ إلا أنه بعيد من جهة المعنى.
[: بيع الدابة المكتراه]
ومن كتاب الصلاة وسئل عن رجل باع دابة له من رجل وقد كان البائع أكراها من مصر إلى الرقة واشترط البائع على المبتاع أن عليك