إليه. قيل: أرأيت إن اختار أخذ الثمن أيغرم الكراء كله أم بقدر ما حمله المتعدي؟ قال: بل الكراء (كله) وله أن يستحمل مثله من الموضع الذي تعدى فيه على بيع الطعام إلى الموضع الذي كان له استحمله الطعام أولا.
قال محمد بن رشد: قوله في الكري يتعدى على الطعام فيبيعه في بعض الطريق إن رب الطعام مخير بين أن يأخذ الثمن الذي باع به طعامه أو مثل مكيلة طعامه، وأنه يجب له أخذ مكيلة طعامه إن اختار أخذ المكيلة في البلد الذي كان عليه أن يحمله إليه، معناه عندي على القول بأن الكراء لا ينفسخ بتلف الشيء المستأجر على حمله إذا دعا إلى ذلك الجمال؛ لأن الواجب أن يغرم له مثل الطعام في الموضع الذي تعدى عليه فيه، ويحمله له إلى غايته، فإذا قال له الكري: خذ مني مثل طعامك في البلد الذي علي أن أحمله إليه لم يكن لامتناع رب الطعام من ذلك وجه؛ لأن في ذلك ضررا عليه وعلى الجمال.
أما هو فوجه الضرر الداخل عليه في ذلك أنه قد يتلف في الطريق ببينة على تلفه فيخسره. وأما الجمال فوجه الضرر الداخل عليه في ذلك أنه قد يتلف في الطريق فلا تقوم له بينة على تلفه فيغرمه، وقد يشتريه أيضا في الموضع الذي تعدى عليه فيه بأكثر مما يشتريه في الموضع الذي كان عليه أن يحمله إليه، وهو إن قام عليه في البلد الذي استكري إليه أمن في الضرر على كل واحد منهما.
فإذا كان ما دعا إليه الجمال جائزا وما دعا إليه رب الطعام جائزا أيضا، إلا أن فيه ضررا على كل واحد منهما وجب أن يجاب الجمال لما دعا إليه؛ لقول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: " «لا ضرر ولا ضرار» ". وأما إذا أراد الجمال أن يغرم لرب الطعام مثل طعامه في الموضع الذي تعدى عليه فيه ويحمله له إلى غايته