مسألة وقال ابن القاسم إذا تساوق النصراني إلى حكم المسلمين في قتل وقع بينهم، فقال النصراني القاتل: ليس في ديننا قتل ولا قود.
قال: لا يقبل منه في ذلك لأنه من الفساد وعلى حكم المسلمين أن ينظر في ذلك، فإن شهد عنده على القتل شهيدا عدل من المسلمين مثل من شهد عليه قال عيسى: يسلم إلى أولياء النصراني فإن شاءوا قتلوه وإن شاءوا استحيوه، فإن عفوا رأيت الإمام أن يضربه مائة ويسجنه سنة.
قال محمد بن رشد: قول عيسى مفسر لقول ابن القاسم، لأن القصاص من حق أولياء المقتول، وضرب مائة وسجن سنة حق لله تعالى لا يجوز العفو عنه، والمسألة بينة صحيحة لا اختلاف فيها؛ لأن القتل العمد من التظالم الذي يجب على الإمام الحكم فيه بين أهل الذمة، وإنما اختلف فيما لم يكن من التظالم كالربا وشبهه من طلاقهم وحدودهم هل يجب على الإمام الحكم بينهم فيه إذا ارتفعوا إليه وحكموه، فقيل إن ذلك يجب عليه لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ}[المائدة: ٤٩] وقيل إن ذلك لا يجب عليه لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ}[المائدة: ٤٢] وقد مضى الكلام في الاختلاف في تأويل الآيات في هذا واختلاف العلماء في الحكم في ذلك لاختلافهم في تأويلها مستوفى في رسم لم يدرك من سماع عيسى من كتاب التجارة إلى أرض الحرب فلا معنى لإعادته.