وقد نص ابن حبيب على ذلك، وبين الفرق بين وجود العيب الذي يقوم ويحدث قبل القبض أو بعده في البيوع من الواضحة. فانظر ذلك، وقف عليه، والله المعين.
[اشتكت به امرأته أنه يضربها ويؤذيها]
من سماع عبد المالك بن الحسن من ابن وهب قال عبد المالك: سئل عبد الله بن وهب عن رجل اشتكت به امرأته أنه يضربها ويؤذيها، فكتب لها على نفسه كتابا إن عاد إلى أذاها فهي مصدقة فيما تدعي من أذاه لها، وأمرها بيدها، تختار نفسها بطلاق البتة، فلما كان بعد أيام، أشهدت تلك المرأة رجالا وزوجها غائب عنها، أن زوجها قد عاد، إلى آذاها، وأنها قد طلقت نفسها، فأنكر الزوج أن يكون أذاها، وندمت المرأة فيما كانت أشهدت عليه الشهود من شكيتها الأذى، وطلقت نفسها ألبتة، وأنكرت أن يكون أذاها وزعمت أنها لعب بها وخدعت حتى كذبت على زوجها، فهل يلزمها وزوجها ما كان من طلاقها نفسها ويجوز قولها: إن زوجها آذاها حتى أشهدت على طلاقها نفسها، ولا يعرف ذلك إلا بما قالت يومئذ، فقال: قد بانت منه بالبتة، ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره؛ لأنه قد أعطاها التصديق، وجعل القول قولها، وقد زعمت الضرر واختارت عليه نفسها. فلم يبق بيده ولا بيدها قليل ولا كثير، ولا ينفعها ندمها بعد ذلك، وتكذيبها نفسها، وقولها: خدعت ليس بنافعها بعد وقوع الطلاق عليها.
وقال أشهب: سواء في جميع ذلك رجوعها، لا رجوع لها، ولكن ينظر متى ادعت أنه قد أتى إليها ما وجب لها به التمليك وفارقت، فإن كان بين ذلك الأيام، أو أقرت بأنها لم تفارقه إلا بعد افتراقهما من المجلس الذي آذاها فيه، فلا خيار لها؛ لأنها تركت الخيار حين وجب لها، وإن كان ذلك قريبا أو كانت قد قالت أو تقول الآن إنما