قال محمد بن رشد: وهذا كما قال إذا لم تكن له نية في مكان بعينه يسير إليه، ولا في مقدار ما يتباعد من المدينة، ولا كان ليمينه بساط يحمل عليه أنه يبر بالخروج من المدينة، وقد اختلف في حد ذلك، فقال في هذه الرواية: إنه يخرج إلى مثل ما تقصر فيه الصلاة، يريد: ويقيم هناك الشهر ونحوه على حكم الحالف لينتقلن أنه ينتقل فيقيم الشهر ونحوه، فإن رجع بعد خمسة عشر يوما لم يحنث.
قال مالك في كتاب ابن المواز: وهذا استحسان، والقياس أنه يخرج إلى موضع لا يلزمه فيه أن يأتي منه إلى الجمعة، فيقيم ما قل أو كثر ثم يرجع إن شاء، والأول أبرأ من الشك، ومثله لابن القاسم في المبسوطة، وعلى هذا يأتي قوله في مسألة رسم البراءة من سماع عيسى بعد هذا.
وقال أصبغ في أحد الكتب الخمسة في هذا: إنه استحسان أيضا، والقياس أنه لا يلزمه أن يخرج من المدينة إلا إلى منتهى أطرافها وهو حد ما يقصر فيه الخارج ويتم عند الوصول إليه الداخل، وقد قيل: إنه لا يبرأ إلا بالخروج عن جميع عملها وأن يجاوز ذلك حد ما تقصر فيه الصلاة، روى هذا القول عن ابن كنانة في المدنية.
وعلى هذه الأربعة أقوال يختلف فيمن حلف ألا يتزوج من بلد كذا، وتحصيل القول في ذلك: أن فيه قولين: أحدهما: أن يمينه تحمل على البلد، وجميع عمله حتى يريد الحاضرة نفسها، والثاني: أنه يحمل على الحاضرة نفسها حتى يريدها وعملها، فإن أرادها وعملها أو لم تكن له نية على القول الآخر، فقيل له: إنه لا يتزوج فيما تقصر فيه الصلاة، وهو أربعة برد، وقيل: إنه لا يتزوج في جميع عملها وإن تجاوز أربعة برد، وإن أراد الحاضرة نفسها أو لم تكن له نية على القول الآخر، فعلى الأربعة الأقوال المذكورة التي بينا وسمينا قائليها، وبالله التوفيق.
[مسألة: يقول لرجل امرأته طالق إن لم أخاصمك إلى فلان فيعزل ذلك الوالي]
مسألة وسئل: عن الذي يقول لرجل: امرأته طالق إن لم أخاصمك