قال محمد بن رشد: هذا كما قال، ومثله في المدونة وغيرها، فإنما قال في الحمار الوحشي بقرة؛ لقول الله عز وجل: فَجَزَاءُ مِثْلِ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ قرأه الكوفيون: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ}[المائدة: ٩٥] بتنوين الجزاء ورفع مثل، وقرأ المدنيون بإسقاط التنوين، وخفض "مثل" على الإضافة والقراءتان راجعتان فيما يوجب الحكم إلى شيء واحد وإن اختلف المعنى فيهما لأنه يجب عليه فيما قتل على قراءة الكوفيين مثله من النعم جزاء، ويجب عليه فيما قتل على قراءة المدنيين مثل مثله من النعم؛ لأن الجزاء هو المثل، واختلف في المثل فقيل مثله في الهيئة والخلقة أن يشبه النعم به في ذلك، وقال في المدونة: مثله في النحو والعظم أي أقرب النعم إليه في ذلك. وإنما قال: إنه لا يؤدي البقرة حتى يحكم عليه بها لقول الله تعالى: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ}[المائدة: ٩٥] .
[مسألة: الذي يفسد حجه بإصابة أهله فيحجان من عام قابل متى يفترقان]
مسألة وسألته: عن الذي يفسد حجه بإصابة أهله فيحجان من عام قابل متى يفترقان؟ قال: إذا أحرما. قيل له: ولا يؤخران ذلك حتى يأتيا الموضع الذي أفسدا فيه حجهما؟ فقال: لا، وهذا الذي سمعت. قلت له: فما ترى افتراقهما، أيفترقان في البيوت أم في المناهل لا يجتمعان في منهل؟ فقال: لا يجتمعان في منزل، ولا يتسايران ولا في الجحفة ولا بمكة ولا بمنى.
قال محمد بن رشد: من أهل العلم من قال إنه يفرق بينهما إلى عام قابل، وقال علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وسعيد بن المسيب: لا يفترقان حتى يحرما بالحج من عام قابل، وبهذا أخذ مالك، والوجه في ذلك مخافة أن