للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقول عبد الله بن عمرو بن العاص إن دون الله تعالى يوم القيامة سبعين ألف حجاب منها حجب من ظلمة ما يفتقها بصر شيء إلى آخر قوله، المعنى فيه أن الله تعالى يحجب الكفار عن رؤيته بهذه الحجب وبما يخلقه فيهم من المنع من إدراكها، لا أن الله تعالى يحتجب عنهم بهذه، إذ ليس بمحتجب ولا محجوب عن خلقه بشيء، لأن الحجاب إنما يستر الأجسام المخلوقة التي يحتوي عليها وتكون أكثر منها. ويشهد لهذا الذي قلناه ويؤيده قوله عز وجل: {كَلا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين: ١٥] فجعل الكفار هم المحجوبين عن رؤيته بما خلق فيهم من الحجب والمنع منها، ولم يصف نفسه بالاحتجاب ولا بأنه هو المحجوب. وقد روي أن علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مر بقصاب وهو يقول: لا والذي احتجب بسبعة طباق، فقال له علي: ويحك يا قصاب، إن الله لا يحتجب عن خلقه بشيء، ولكن حجب خلقه عنه، فقال له القصاب: أفلا أكفر عن يميني يا أمير المؤمنين؟ قال لا، لأنك حلفت بغير الله تعالى، وبالله التوفيق.

[ما رئي لمالك من الرؤيا]

فيما رئي لمالك من الرؤيا قال عيسى وسمعت سليمان بن يزيد يحدث أنه قال، سمعت ابن الدراوردي يحدث قال: رأيت في منامي أن النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يعطي مالكا خاتمه، قال فأتيت مالكا فأخبرته بذلك وهو في مجلس ربيعة.

قال محمد بن رشد: تأويل هذا ما كان عليه- رَحِمَهُ اللَّهُ - من اتباع سنته والتمسك بها، وتركه لمخالفة ما صح عنده منها، وبالله التوفيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>