له، وإنما يقول أهل الزيغ والتعطيل إنها لا تجوز عليه. ومن الدليل على وجوب رؤية المؤمنين له يوم القيامة قوله عز وجل:{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ}[القيامة: ٢٢]{إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}[القيامة: ٢٣] ، وهو نص في النظر إليه حقيقة لا يحتمل المجاز. وقوله عز وجل في الكفار مهددا لهم:{كَلا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ}[المطففين: ١٥] ، فلو كان هذا أمرا عاما للمؤمنين والكافرين لم يكن فيه تهديد للكافرين. وقوله عز وجل:{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ}[يونس: ٢٦] ، على ما قاله أهل التفسير: إن الحسنى الجنة، والزيادة النظر إلى وجه الله الكريم، لأن الحسنى مستغرق لجميع الإحسان بدخول الألف واللام فيه، فالزيادة على ذلك يجب أن تكون من غير جنس المزيد عليه، ولا شيء يمكن أن يشار إليه في ذلك سوى رؤية الله عز وجل. ومما يدل على ذلك أيضا ما رواه الثبت الثقات عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ونقلوه عنه نقلا متواترا من رواية أبي بكر الصديق وعائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وعمران بن حصين، وأبي هريرة، وعبد الله بن عباس، وجرير بن عبد الله البجلي، وغيرهم: أن المؤمنين يرون ربهم كما يرون القمر في ليلة القدر لا تضامون في رؤيته، وفي بعض الآثار: لا تضارون في رؤيته. وفي بعض الآثار ليس دونه حجاب. وأجمعت الأمة على أن الكافرين محجوبون عن الله تعالى يوم القيامة. وإنما اختلفوا في المؤمنين، فقال أهل الزيغ إنهم لا يرونه، وقال أهل السنة والجماعة إنهم يرونه على ما بيناه وصححناه، إلى أن نشأ رجل من أهل البصرة يعرف بأبي الحسن بن سالم، وكان من الوعاظ الذين يظهرون النسك ويظنه العوام من أهل العلم، فسألوه عن هذه المسألة فحملته الأنفة وما يعتقده العوام فيه من أنه من أهل العلم على أن أجاب فيها بغير علم، فأخطأ وقال: إن الكافرين يرون ربهم يوم القيامة، وأبى أن يرجع عن بدعته، وتبعه قوم على ذلك حتى قويت شوكتهم وصار قولهم مذهبا يذكر، والله أسأله العصمة برحمته.