للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ماء لا يسمع صوت ذلك الماء أحد لا يربط الله عز وجل على قلبه إلا خلع.

قال محمد بن رشد: الذي عليه أهل السنة والجماعة من الموحدين أن رؤية الله عز وجل جائزة غير مستحيلة، وأن المؤمنين يرونه في الآخرة بأبصار وجوههم على ما جاء به القرآن وتواترت به عن النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الآثار، خلاف ما ذهب إليه أهل الزيغ المعتزلة والقدرية والخوارج والجهمية من أن رؤية الله عز وجل مستحيلة لا تجوز عليه، تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا. فمن الدليل الواضح على جواز رؤية الله عز وجل أن موسى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قد سأل ذلك ربه فقال: {رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} [الأعراف: ١٤٣] على ما أخبر الله عز وجل به عنه في كتابه العزيز الذي {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: ٤٢] ومن المستحيل أن يسأله ما يعلم أنه لا يجوز في صفته أو أن يجهل هل يجوز ذلك في صفته أم لا، فتكون المعتزلة أعلم بصفات الله تعالى وما يجوز عليه مما لا يجوز منه- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. ودليل ثان هو قوله عز وجل: {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الأنعام: ١٠٣] لأنه عز وجل تمدح بأن الأبصار لا تدركه، فلو كان من المستحيل أن تدركه الأبصار لم يكن له في ذلك مدح، وإنما كان المدح له في ذلك لانفراده بخلق الآفة في الأبصار التي تمنع من إدراكه في الدنيا مع جواز ذلك عليه. وكما هو قادر على خلق الآفة في الأبصار المانعة من رؤيته في الدنيا، فكذلك هو قادر على رفع الآفة من أبصار المؤمنين يوم القيامة حتى يروه على ما نطق به القرآن وتواترت به السنن والآثار. وإذا جازت عليه الرؤية بما ذكرناه وجبت له، إذ لا يقول أحد إنها تجوز عليه ولا تجب

<<  <  ج: ص:  >  >>