بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وصلى الله على سيدنا محمد
وآله وصحبه وسلم تسليما
كتاب الجامع الخامس ومن كتاب طلق بن حبيب حكاية عنه قال مالك: بلغني أن طلق بن حبيب، جلس إليه رجل ومعه الناس فدعا فذكر، فلما أراد أن يقوم قال: إنكم لن تستبقوا من أنفسكم باقيا، وإنكم لم تلوذوا من الدنيا بمنيع، وإن مجلسكم هذا آخر مجلس تجلسون من الدنيا، وكذلك الدنيا حتى تنقضي المجالس.
قال محمد بن رشد: المعنى في هذا أنه جلس للناس يعظهم ويذكرهم، فكان من آخر قوله لهم حين أراد أن يقوم: إنكم لن تستبقوا من أنفسكم باقيا، وإنكم لم تلوذوا من الدنيا بمنيع يريد أنهم أتعبوا أنفسهم في طلب الدنيا، واستنفذوا جهدهم في ذلك ولم يحصلوا منها على طائل.
وأما قوله: وإن مجلسكم هذا آخر مجلس تجلسون من الدنيا، فالمعنى في ذلك عندي والله أعلم أنه كره لنفسه جلوسهم إليه ليعظهم ويذكرهم، وعزم ألا يعود إلى ذلك، فقال لهم: إن هذا المجلس آخر مجلس تجلسون فيه إلي، وكذلك أمور الدنيا كلها إلى انقراض وتمام، وبالله التوفيق.