مسألة وسألته عن الرجل يقول في وصيته: نصف عبدي حر، قال: يعتق نصف قيمتهما بالسهم. قلت له: فإن قال: أحد عبدي حر، قال: كذلك أيضا يعتق نصف قيمتهما بالسهم.
قال محمد بن رشد: هذا صحيح على مذهب ابن القاسم وروايته عن مالك. ومذهب ابن كنانة، ومطرف، وابن الماجشون، أن القرعة تكون في الموصى بعتقهم. وفي المبتلين في المرض إذا سمى منهم عددا أو جزءا أو جميعهم ولا يحملهم الثلث. والأصل في ذلك ما جاء في حديث الموطأ: من «أن رجلا أعتق عبيدا له ستة عند موته، فأسهم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بينهم، فأعتق ثلث تلك الرقيق» . قال مالك: وبلغني أنه لم يكن لذلك الرجل مال غيرهم. وهو كما بلغه والله أعلم. إذ لو كان مال غيرهم، لعتق منهم ما حمل الثلث بالقرعة، على ما ذهب إليه مالك، خلاف ما ذهب إليه ابن نافع، من أن القرعة لا تكون إلا حيث السنة في الذي يعتق عبيده عند موته، ولا مال له سواهم. وذهب أشهب إلى أن القرعة إنما تكون في الموصى لهم بالعتق دون المبتلين في المرض. فإذا قال الرجل في وصيته: أحد عبدي هذين حر أو نصفهما حر، أعتق نصف قيمتهما بالسهم، كما قال على قول جميعهم. ووجه العمل في ذلك، أن يقوم كل واحد منهما على حده، ثم يضرب عليهما بالسهام، فإن كان قيمة أحدهما في التمثيل عشرين، وقسمة الثاني أربعين، فخرج سهم الذي قيمته عشرون، عتق جميعه، وعتق من الآخر الذي قيمته أربعون ربعه، وبقي ثلاثة أرباعه رقيقا، وإن خرج سهم الذي قيمته أربعون، عتق منه ثلاثة أرباعه، ورق ربعه ورق جميع الآخر الذي أخطأه السهم؛ لأن نصف قيمتهما ثلاثون، على ما نزلناه.