قال محمد بن رشد: يريد بقوله أن يفيض أن يرجع إلى بلده، فلم ير في ذلك رخصة لأحد من الحاج؛ لأنه إن كان ممن لم يتعجل في يومين فعليه رمي ذلك اليوم، وإن كان قد تعجل في يومين فقد وجب عليه أيضا رميه إذا بقي بمنى ولم ينفر يوم تعجل، ولم يرد بقوله: أن يفيض طواف الإفاضة؛ لأن له أن يمضي إلى مكة لطواف الإفاضة يوم النحر، وأي يوم شاء من أيام منى قبل الزوال وبعده، والتعجيل أفضل، ويرجع إلى منى على كل حال لرمي الجمار، وللمبيت بها، ووقع في بعض الروايات هل رخص لأحد من الحاج أن يعتمر؟ ومعنى ذلك أيضا بين؛ لأن أيام الحج لم تنقض بعد، فلا رخصة لأحد من الحاج أن يعتمر قبل انقضائها، وإن كان ممن تعجل في يومين.
[مسألة: أعطى جارية له محرمة إزارا له أن تفليه من القمل وهو محرم]
مسألة وسئل عن رجل أعطى جارية له محرمة إزارا له أن تفليه من القمل، وهو محرم، وجاريته محرمة، ففلته وألقت الدواب عنه، قال: أرى أن يفتدي، فقيل له: أيذبح شاة أو يصوم ثلاثة أيام؟ قال: نعم في رأيي، أي ذلك شاء فعل.
قال محمد بن رشد: إنما أوجب مالك عليه الفدية من أجل أنه أماط بذلك عن نفسه الأذى، لا من ناحية ما قتلت من الدواب بأمره، وقد قال يحيى، عن ابن القاسم: إنما قال مالك ذلك احتياطا، ولو أطعم شيئا من طعام أجزأه، والذي قلته هو وجه قول مالك، وإنما كان يجب عليه أن يطعم شيئا من طعام لو لم يكن الإزار له، وقد تأول بعض الناس على مالك من هذه الرواية، ومن قوله في المدونة في المحرم يحلق رأس الحلال: إنه واجب الفدية على من قتل قملا كثيرا، وليس ذلك بتأويل صحيح، أما هذه الرواية، فقد بينا وجهها، وأما مسألة المدونة فوجه إيجاب مالك فيها الفدية هو