إذا قلنا إن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان الإمام في تلك الصلاة على ما يدل عليه ما وقع في البخاري من أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان عن يسار أبي بكر؛ لأن أبا بكر قد عاد مؤتما به - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في بقية الصلاة وقد أحرم قبله فيها، فهذا نحو ظاهر هذه الرواية وما حكى ابن حبيب عن ابن القاسم.
وقد قيل إن أبا بكر، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، لم يخرج عن إمامته في هذه الصلاة وإنه كان الإمام فيها بالنبي، - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وهو الصحيح في النظر. ويصح أن يتأول عليه ما في الأثر والذي في سماع أشهب مخالف لظاهر هذه الرواية، وذلك أنه قال فيها: يقضي لنفسه الركعة التي فاتته ويتوخى أن يكون قيامه موافقا لقيامهم وركوعه موافقا لركوعهم وسجوده موافقا لسجودهم من غير أن يأتم بهم فيها، وهو أحسن وأصح في المعنى والنظر. وسحنون وابن عبد الحكم يقولان: إنه يقضي لنفسه الركعة التي فاتته ويخفف فيها ثم يدخل مع الإمام، وهذا أولى ما قيل في هذه المسألة، والله أعلم.
[مسألة: الرجل يكون مع صاحبه فيمرض مرضا شديدا أيدع الجمعة]
مسألة وسئل مالك عن الرجل يكون مع صاحبه فيمرض مرضا، شديدا، أيدع الجمعة؟ قال لا إلا أن يكون في الموت.
قال محمد بن رشد: قد مضى القول في هذه المسألة في أول هذا الرسم فلا وجه لإعادته.
[مسألة: الذي يكون في المسجد فتقام الصلاة أيقيم الصلاة في نفسه]
مسألة قال: وسئل عن الذي يكون في المسجد فتقام الصلاة، أيقيم الصلاة في نفسه، قال لا، قيل له: ففعل؟ قال: هذا مخالف.
قال محمد بن رشد: قوله هذا مخالف، أي مخالف للسنة؛ لأن السنة أن يقيم المؤذن الصلاة دون الإمام والناس، بدليل ما روي أن رسول