[: اقتتلا فعض أحدهما لسان الآخر فقطع منه ما منع الكلام شهرين]
ومن كتاب العقول والجبائر وسئل عن رجلين اقتتلا فعض أحدهما لسان الآخر فقطع منه ما منع الكلام شهرين ثم تكلم وقد نقص من كلامه، أترى فيه قودا؟ فقال: أحب إلي ألا يقاد منه، ولم أسمع أنه أقيد منه، فلا أرى أن يقاد منه؛ لأنه ليس له قدر يعرف في القصاص أخاف أن تسرع الحديدة فيذهب كلامه ويستحسف فأحب إلي ألا يقاد منه وأن يعقل.
قال محمد بن رشد: قوله: إنه لا يقاد منه إذ ليس له قدر يعرف في القصاص مخافة أن تسرع الحديدة فيذهب كلامه يريد أو يذهب منه أكثر مما ذهب من المجني عليه أو أقل يبين مذهبه في المدونة أنه قال فيها: إنه يقاد منه إن كان يستطاع قود ذلك ولا يخاف منه، فبين هاهنا أن ذلك لا يستطاع عليه، وقال أشهب فيه إنه مخوف فلا يقاد منه وقوله: إنه يعقل يريد بقدر ما ذهب من كلامه؛ لأن الدية إنما هي في الكلام، فإن ذهب كلامه كله وجبت له الدية كلها، وإن بقي بعض جارحة لسانه وإن ذهب من كلامه بعضه كان له من الدية بقدر ما نقص من كلامه بعد أن يجرب صدقه فيما يدعي أنه ذهب من كلامه من كذبه ويحلف على ذلك على ما قاله بعد هذا في هذا الرسم، وإنما يقدر نقصان كلامه بالاجتهاد بعد الاختبار والتجربة، ولا ينظر في هذا إلى الأحرف على ما قاله ابن القاسم بعد هذا في رسم الكبش من سماع يحيى، وقد قيل: إنه يكون له من الدية بقدر ما لم ينطق به من حروف المعجم، وهو بعيد؛ إذ بعض الحروف أخف على اللسان من بعض؛ ولأن فيها أيضا ما لا حظ للسان فيه وبالله التوفيق.
[مسألة: تعلق أحدهما بالآخر وأصبعه مجروحة تدمي يزعم أنه عضها]
مسألة وعلى رجلين كان بينهما كلام ثم اصطلحا، ثم تعلق أحدهما