[مسألة: أوصى في جارية له أن تباع رقبة فأبت الجارية وأحبت البيع على غير عتق]
مسألة وسئل مالك: عن رجل أوصى في جارية له أن تباع رقبة فأبت الجارية وأحبت البيعَ على غير عتق، قال: إن كانت الجاريةُ رائعة رأيت أن تباع على غير شرط في العَتَاقَة وإن كانت من الخدم مِثْل ثَمَن سِتِّينَ دينارا رَأَيْتُ أن تباع رقبة بشرط.
قال محمد بن رشد: هذا في الوصايا الأول من المدونة أنها إن كانت من جواري الوطء ممن تتخذ، كان ذلك لها، وإن لم تكن منهن بيعت ممن يعتقها إلّا أنه لم يذكر في أثمانهن حدا، وقال في كتاب العيوب منها: إنّ أثمانَ الخمسين والستين من المرتفعات، فقيل: إن ذلك لما ها هنا إذ جعل أثمان الخمسين والستين من المرتفعات.
والصواب أنّ ذلك اختلاف من القول، فأثْمَان الخمسين والستين من المرتفعات اللاتي تجب المواضعة فيهن ولا يجوز التَّبَرِّي مِنْ حملهن وَلَسْنَ من المرتفعات اللائي لهن أنْ يُبَعن على غير شرط فتبطل الوصية فيهن، بدليل قوله في سماع أبي زيد: وأثمان الستين ليست بِرائعة في هذا، قال في كتاب الوصايا الأول من المدونة، وقد قيل: لا ينظر إلى قولها وتبَاع للعتق إلّا ألّا يُوجَدَ من يشتريها بوضيعة الثلث إن كان للميت مال يحمل الجارية، وقوله: إن كان للميت مال يحمل الجارية مفسر عندي لقول ابن القاسم وروايته عن مالك؛ لأن الرجل لو أوصى أن يُباع عبده لم يجز ذلك على الورثة إذْ لم يحمله ثلث، وقد قال ابن لبابة في قوله في المدونة بيعوا عبدي من فلان لَمّا لم يأمر الموصي أن يعطاه إلّا بثمن لم يقل أحد إنه ينظر إلى العبد إن كان يخرج من الثلث أمْ لا يخَرج منه، وليس قوله بصحيح إِذ ليس للميت أن يحجر على ورثته إمساك عبد من عبيده إذا كان أكثر من ثلث ماله، وإنما كان للجارية الرائعة أن تباع على غير العتق؛ لأن العتق أضَرُّ بالجارية النفيسة.
قال ابن المواز: وهو كما قْال؛ لأنها قد تتخذ أمّ ولد فتعتق فيكون ذلك خيرا لها، والخادِم تبقى مملوكة أبدا فلا تعتق أحسنُ لها وإن لم