للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صرحا، أي سطحا، وكل بناء مسطح فهو صرح. وقوله: {لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ} [غافر: ٣٦] {أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى} [غافر: ٣٧] ، كلام قاله، والله أعلم، استهزاء وسخريا، إذ لم يجهل أنه لا يقدر على أن يبلغ أسباب السماء بصرح يبنيه له هامان، إذ لا يجهل ذلك من له عقل يصح به التكليف، فقال ذلك استهزاء بموسى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأراد أن يبنى له الصرح مرتفعا مشيدا لا يقدر غيره من أهل زمانه على مثله ليجعله دليلا له عند الملأ من قومه على ما يدعي من الربوبية. وهذا الذي أقول به في معنى قوله {لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ} [غافر: ٣٦] {أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ} [غافر: ٣٧] وبالله التوفيق.

[لا يسلم أحد من أن يكون فيه ما يعاب به]

في أنه لا يسلم أحد

من أن يكون فيه ما يعاب به قال مالك وكان القاسم بن محمد يقول: من الرجال رجال لا تذكر عيوبهم. قال مالك وقال طلحة بن عبيد الله: خف الأمر وغلب سفهاء الناس علماءهم.

قال محمد بن رشد: قول القاسم إن من الرجال رجالا لا تذكر عيوبهم، صحيح، والمعنى في ذلك ما قاله مالك من أن العيب إذا كان خفيفا والأمر كله جميل حسن لم يذكر اليسير الذي ليس أحد منه بمعصوم مع هذا الصلاح الكثير. وإذا كان طلحة بن عبيد الله يقول في زمنه خف الأمر وغلب سفهاء الناس علماءهم، فناهيك من ذلك في زماننا هذا، أسأل الله العصمة والتوفيق برحمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>