في تصديق الرسل واليقين بقولهم وحدثني عن ابن القاسم، عن مالك، أنه بلغه أنه خرج مع موسى رجلان من أصحابه إلى البحر، فلما إليه قالا له: ماذا أمرك؟ قال. أمرني أن أضرب البحر بعصاي فقال له: افعل ما أمرك به ربك. فلن نخلفك، ثم ابتدرا البحر فألقيا أنفسهما فيه تصديقا له، قال مالك في تفسيره: فما زال البحر كذلك حتى دخل فرعون ومن معه، ثم رجع إلى ما كان.
قال محمد بن رشد: في كتاب الله بيان هذا، وتفسيره قال عز وجل:{وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ}[الشعراء: ٥٢] فخرج بهم ليلا على ما روى: {فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ}[الشعراء: ٥٣]{إِنَّ هَؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ}[الشعراء: ٥٤] يعني هم قليلون في كثيرنا، وكان أصحاب موسى ستمائة ألف، وقيل إنه اتبعهم فرعون على ألف ألف حصان ومائتي ألف حصان، وقيل مبلغ جنوده كان أربعين ألف ألف {فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ}[الشعراء: ٦٠] كما قال إلى حين أشرقت الشمس: {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ}[الشعراء: ٦١]{قَالَ كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ}[الشعراء: ٦٢] يريد الطريق، قال قتادة: ذكر لنا أن مؤمنا من آل فرعون كان بين يدي نبي الله موسى يومئذ يسير ويقول: أين أمرت يا رسول الله، فيقول له موسى: أمامك، فيقول له المؤمن: وهل أمامي إلا البحر، والله ما كذبت ولا كذبت، ثم يسير ساعة