تقوم الساعة، قال حسبك. فلما خرج أبو حنيفة قال له أصحابه: حكمت على نفسك ببيعته حتى تقوم الساعة، فقال: إنما أردت حتى تقوم الساعة من مجلسك إلى ما تحتاج إليه من بول أو غائط أو غير ذلك، أي حتى يقوم من مجلسه ذلك، وبالله التوفيق.
[ولد المسلم الصغير يولد مخبولا أو يصيبه الخبل قبل أن يبلغ العمل]
من سماع أصبغ بن الفرج من عبد الرحمن بن القاسم من كتاب الزكاة والصيام
قال أصبغ: سئل ابن القاسم عن ولد المسلم الصغير يولد مخبولا أو يصيبه الخبل قبل أن يبلغ العمل، قال: ما سمعت فيه شيئا، إلا أن الله تبارك وتعالى يقول:{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ}[الطور: ٢١] الآية، وأرجو أن يلحقهم الله بهم. فأما من احتلم وجرى عليه القلم ثم أصيب بعد ذلك فإني سمعت بعض أهل العلم والفضل يقول إنه يطبع على عمله بمنزلة من قد مات.
قال محمد بن رشد: الذي يولد مخبولا أو يصيبه الخبل قبل أن يبلغ العمل فهو بمنزلة من قد مات صغيرا من أولاد المسلمين، إذ لم يلحق بالمكلفين، فهو مولود على الفطرة وصائر بفضل الله ورحمته إلى الجنة. وما رجاه ابن القاسم بتأويل الآية من أن يلحقوا بآبائهم مروي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وروي عن ابن عباس أن رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«إن الله ليرفع ذرية المؤمن معه في جنته وإن لم يبلغها بالعمل ليقر بهم عينه ثم قرأ: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ}[الطور: ٢١] .» .