الخلاف لما في آخر الرسم الأول من سماع أشهب من كتاب العيوب من إعماله الشرط فيه بإسقاط اليمين، ولما في رسم أخذ يشرب خمرا من سماع ابن القاسم من كتاب البضائع والوكالات من تفرقته في ذلك بين المأمون وغير المأمون، وبين الذي يبيع لنفسه ولغيره، فيحصلون من ذلك في المسألة ثلاثة أقوال: إعمال الشرط، وإبطاله، والتفرقة بين المأمون والذي يبيع لغيره، وبين الذي ليس بمأمون ويبيع لنفسه، والذي أقول به إنها ليست بخلاف لذلك؛ لأن المعنى فيها مختلف: تلك أسقط اليمين فيها إن كانت قد وجبت قبل أن يعلم بوجوبها، وهذه أسقط اليمين فيها قبل وجوبها، فلا يدخل الاختلاف فيها إلا بالمعنى من أجل أن إسقاط الحق قبل وجوبه أصل مختلف فيه في المذهب لا من هذه المسائل، وقد مضى بيان هذا مستوفى في سماع أشهب من كتاب العيوب، فقف على ذلك هناك وتدبره، وبالله التوفيق.
[: تكارى من رجل على محامل كراء مضمونا فلم يحمله حتى هلك المكاري]
ومن كتاب القبلة وسئل مالك عن رجل تكارى من رجل على محامل أو أحمال كراء مضمونا فلم يحمله حتى هلك المكاري وعليه للناس دين، قال: يكون المتكاري أسوة الغرماء يحاصهم بقدرها كما لو أن رجلا سلف في سلعة موصوفة يضمنها البائع للمشتري ثم مات البائع معدما وترك ديونا حاص المبتاع الغرماء في تركة البائع بقيمة السلعة يوم تكون المحاصة والقضاء حتى يصير له نصف سلعته إن كان يصير للغرماء نصف حقوقهم، وثلثها إن صار لهم ثلث حقوقهم، ولا يدفع إليه ذلك ثمنا، ولكن يشتري له من تلك السلعة على شرطه.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة صحيحة بينة، وقوله يحاصهم بقدرها يريد بقيمة الركوب معجلا لا إلى أجل إن كان مؤجلا كما تكون المحاصة بالسلع الثابتة في الذمة إلى أجل بقيمتها حالة يوم تكون المحاصة