ولا يلزمه، ولم يقل إن الحالف يحنث إذا لم يقضه حتى حل الأجل إذا كان قد أخره؛ إذ يبعد أن يقال ذلك؛ لأنه قد استثنى في يمينه تأخير رسوله، ولم يشترط أن يكون ذلك برضاه، فهو يحمل على عمومه إلا أن يقر على نفسه أنه أراد أن يؤخره رسوله برضاه فيلزمه ذلك ويحنث إن لم يقضه حتى حل الأجل إلا أن يؤخره هو أو رسوله برضاه وهذا بين، والله أعلم.
[مسألة: حلف الإنسان في الشيء الواحد يردد فيه الأيمان يمينا بعد يمين]
ومن كتاب العرية مسألة قال سفيان بن عيينة التوكيد والله، ثم والله ثم والله.
قال محمد بن أحمد: هذا قول مالك وجميع أصحابه إن التوكيد حلف الإنسان في الشيء الواحد يردد فيه الأيمان يمينا بعد يمين، وكفارته كفارة واحدة مثل كفارة اليمين، وما روى مالك عن ابن عمر في الموطأ من أنه كان يقول من حلف بيمين يؤكدها ثم حنث فعليه عتق رقبة أو كسوة عشرة مساكين، ومن حلف بيمين فلم يؤكدها ثم حنث فعليه لكل مسكين مد من حنطة، وهو استحسان منه دون إيجاب، بدليل قوله فيه إنه يكفر عن يمينه بإطعام عشرة مساكين مد من حنطة لكل مسكين، وكان يعتق إذا وكد اليمين ولا اختلاف في ذلك؛ لأن الله خير الحالف في تكفير يمينه بين الإطعام والكسوة والعتق ولم يخص تأكيدا من غيره وقوله عز وجل:{وَلا تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا}[النحل: ٩١] معناه في المعاهدة في الواجب، يقول أوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا عهدكم بعد تأكيدها {وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلا}[النحل: ٩١] بما التزمتم من دينه والسمع والطاعة لنبيه، - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.