وقوله {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ}[البقرة: ١٩٨] ، يريد: التجارة في مواسم الحج على ما جاء في تفسير ذلك، فوجب ألا يخرج من هذا العموم شيء إلا بيقين، وهو الطعام الذي قد نص عليه النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - دون ما سواه من المكيل أو الموزون، لاحتمال أن يكون مراد النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بنهيه عن ربح ما لم يضمن، ما نهي عنه من بيع الطعام قبل أن يستوفى، فالطعام المصبر خارج عن هذا عند مالك؛ لأنه يدخل بالعقد في ضمان المشترى؛ إلا أنه استحب في هذه الرواية ألا تباع الصبرة المشتراة حتى تنقل من موضعها، لحديث عبد الله بن عمر المذكور، ولم يوجب ذلك، لاحتمال أن يكون معناه الندب حماية للذريعة.
وفي المدنية لمالك أن معناه فيما بيع بالدين. ووجه ذلك: أن الصبرة وإن دخلت بالعقد في ضمان المشتري، فلم يدخل ثمنها في ضمان البائع إذا كان مؤجلا لم يقبض، ففيه شيء من معنى الضمان، وفيه نظر؛ وابن حبيب يحمل «نهي النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عن ربح ما لم يضمن» على عمومه في كل ما يوزن من الطعام وغيره، وهو مذهب عبد العزيز بن أبي سلمة وجماعة سواه؛ وقول مالك أصح على ما بيناه.
[مسألة: باع من رجل سلعة ودفعها إليه وقبضها بمائة دينار إلى أجل سنة]
مسألة قال: وسئل مالك: عمن باع من رجل سلعة ودفعها إليه وقبضها بمائة دينار إلى أجل سنة، فأقامت عنده بعد أن قبضها