حتى حدث بها عيب عور أو عرج أو قطع أو أمر، حتى علم أنهما لم يعملا القبيح؛ أيجوز لبائعها أن يشتريها بأقل مما باعها به وينقده ثمنها بعدما حدث فيها هذه الأشياء؟
فقال: يبيعها بالدين ويشتريها بالنقد أقل منه، لا يصلح هذا ولا يؤمن الناس على مثله؛ ولو جاز هذا لهذا، لقال آخر في مثل هذا: فقد نقصت، فقد مرضت؛ لا يجوز هذا ولا يمكن الناس منه؛ وقال سحنون مثله، وهو خير من رواية ابن القاسم.
قال محمد بن رشد: رواية ابن القاسم التي أشار إليها سحنون وقعت في كتاب ابن المواز: قال ابن القاسم: عن مالك في الدابة أو البعير يبتاعها بثمن إلى أجل فيسافر عليها المبتاع إلى مثل الحج وبعيد السفر، فيأتي وقد أنقصها، ثم يبتاعها منه بأقل من الثمن نقدا، فلا يتهم في مثل هذه أحد ولا بأس به، وكذلك الثوب يلبس فيبلى؛ وذهب كل واحد من ابن القاسم وأشهب في هذه المسألة إلى ما روي عن مالك فيها، وذلك من قوليهما في كتاب الرواحل والدواب من المدونة: أجاز ابن القاسم فيها أن يستقيل الكرى المتكارى فيقيله بزيادة بعد أن قبض الكراء وغاب عليه إذا كانا قد سارا من الطريق ما يسقط التهمة عنهما؛ ولم يجز ذلك أشهب قبل الركوب ولا بعده، ورأى التهمة بينهما باقية على حالها، وقول ابن القاسم وروايته عن مالك أظهر، والله أعلم؛ لأن ذلك ليس بحرام بين، وإنما يفسخ حماية للذرائع، ومن ناحية التهمة؛ وأكثر أهل العلم لا يقولون بذلك، فإذا ظهر ما يضعف التهمة انبغى ألا تحقق، وبالله التوفيق.