رزق العافية، فأراد البائع أن يرجع عليه بالحطاط؛ قال سعدون: ما أرى للمشتري من الحطاط شيئا؛ لأن الذي كانت الوضيعة فيه عفي عنه.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال؛ لأن الوضيعة لما خرجت على سبب صار السبب شرطا لها، فوجب أن تبطل بارتفاع الشرط؛ وهذا مثل قول ابن القاسم في سماع يحيى من كتاب الأيمان بالطلاق في الذي يريد سفرا فيستنظر صاحبه دينه، فينظره، ثم يبدو له عن السفر ويقيم، أن النظرة تسقط، وبالله التوفيق.
[مسألة: تبايعا سلعة فاختلفا في الثمن]
مسألة أخبرنا سحنون عن ابن وهب، قال: قال مالك عن رجلين تبايعا سلعة فاختلفا في الثمن، فقال البائع: بعتك بالنقد، وقال المشتري: اشتريت منك إلى أجل، قال مالك: إن كانت السلعة (قد) وصلت إلى المشتري وبان بها، فالقول قوله ويحلف؛ وإن لم يحز السلعة، فالقول ما قال البائع؛ والمبتاع بالخيار يحلف البائع بالله ما بعتكها إلا بالنقد، ثم يحلف المشتري بالله ما اشتريتها بالنقد ويبرآن؛ قال لي سحنون: خذ مني هذا الأصل، فإنه قد اختلف فيه قول مالك اختلافا شديدا، وهو أفضل ما تتزود إلى بلدك.
قال محمد بن رشد: اختلف في اختلاف المبتايعين في أجل الثمن إذا اتفقا على عدده على ثمانية أقوال: أحدها: رواية ابن وهب هذه عن مالك أنهما يتحالفان ويتفاسخان ما كانت السلعة بيد البائع، فإن قبضها المبتاع كان القول قوله، سواء أقر البائع بأجل أو لم يقر به، وهو اختيار سحنون، ودليله قوله عز وجل:{فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ}[البقرة: ٢٨٣] ،