قال محمد بن رشد: مثل هذا في كتاب الهبات من المدونة، أن ما كان من الصدقة على وجه اليمين للمساكين، أو لرجل بعينه، فلا يجبره السلطان على أن يخرجها، وهو المشهور في المذهب، والمعنى في أنه لا يقضي بها بيّن، وذلك أن الحالف بالصدقة إنما يقصد إلى الامتناع مما حلف بالصدقة ألا يفعله، لا إلى إخراج الصدقة، والأعمال بالنيات؛ لكنه إذا فعل الذي حلف بالصدقة ألا يفعله، فقد اختار إخراج الصدقة على ترك الفعل، فلذلك قال: إنه يوعظ ويؤثم، وإنما لا يقضى عليه بالصدقة، إن كان آثما في الامتناع من إخراجها؛ لأنه لا أجر له في الحكم عليه بها وهو كاره، فيذهب ماله في غير منفعة تصير إليه، ولهذا المعنى لا يحكم على من نذر نذرا بالوفاء به، وفي المدنية لمحمد بن دينار فيمن شرط لامرأته أن تسري عليها، فالسرية صدقة عليها؛ أن الصدقة بالشرط تلزمه، وأنه إن أعتقها بعد أن اتخذها لم ينفذ عتقه، وكانت لها صدقة بالشرط، ولابن نافع في المدنية أيضا فيمن باع سلعة من رجل، وقال: إن خاصمته فهي صدقة عليه، فخاصمه فيها، أن الصدقة تلزمه، فإن كان يريد بقوله: إن الصدقة تلزمه، أنه يحكم بها عليه، فهو مثل قول ابن دينار، خلاف المشهور في المذهب، وأما ما كان من الصدقات المبتلات لله على غير يمين، فيحكم بها إن كانت لمعين باتفاق، وإن كانت للمساكين، أو في السبيل على اختلاف الرواية في ذلك في المدونة، وبالله التوفيق.
[مسألة: أخوين أوصى أحدهما بوصية بحظه من مورثه]
مسألة قال: وسألته عن أخوين أوصى أحدهما بوصية فكتب فيها: وقد