سماع ابن القاسم القول فيما ترضعه به من الأجرة إذا أحبت رضاعه، وما في ذلك من الاختلاف، فلا معنى لإعادته، وبالله التوفيق.
[المرأة تشرب الشجرة فيدر بشربها لبنها فترضع به أيحرم بذلك الرضاع]
ومن كتاب الطلاق
قال: وسمعته، وسئل عن المرأة تشرب الشجرة فيدر بشربها لبنها فترضع به، أيحرم بذلك الرضاع؟ فقال: نعم، يحرم بذلك، أليس بلبن؟ فقال: بلى، فقال: نعم، يحرم بذلك، وليس ذلك بصواب. وأخاف أن تكون هذه علة، كلما فجرت امرأة وكثر لبنها قالت هذا القول، قيل له: بلغنا أن رجلا شربها فدر حتى أرضع، فقال: بلغك الباطل والزور، وإنما يحدثك بها قوم نفاق. قال الله عز وجل:{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ}[البقرة: ٢٣٣] يجيء الرجل يرضع.
قال محمد بن رشد: قوله: إن المرأة إذا در لبنها بشيء تشربه فأرضعت به، إنه لبن يحرم، هو مثل ما في المدونة من أن لبن الجارية البكر يحرم، وأن لبن النساء يحرم على كل حال، بظاهر قول الله عز وجل:{وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ}[النساء: ٢٣] ولم يخص ذات زوج ممن لا زوج لها، وكره للنساء شرب هذه الشجرة، التي يزعمن أنها تدر اللبن من غير وطء، ولم يحقق ما يزعمن من ذلك، وخشي أن يكون ذلك من قول الفواجر وما يعتذرن به إذا كثر لبنهن من الفجور، ولما قيل له: إن رجلا شربها فدر له لبن أرضع به، أنكر ذلك، وقال: إنه باطل وزور، وهو كما قال؛ لأن ذلك خرق عادة، وقد أجرى الله الأمور على عوائد، فهو لا يخرقها في غير خرق العادات إلا معجزة للأنبياء، أو كرامة للأولياء، وبالله التوفيق.