كانت قد رفعت ذلك إلى السلطان، فصدقت من يوم رفعت مع يمينها على القول بأنها تصدق في ذلك، فإنه يجب لها أن تتبعه بالنفقة، إن كان موسرا، وتسقط عنه إن كان معدما. واختلف إذا قدم فادعى أنه كان في مغيبه معدما، وقد جهل حاله يوم خروجه، على ثلاثة أقوال: أحدها أنه محمول على اليسار، فلا يصدق فيما ادعى من أنه كان في مغيبه معدما، وهو قول ابن الماجشون، في الواضحة، وتأوله بعض أهل النظر، على معنى ما في المدونة، والثاني: أنه يصدق إن قدم معسرا، ولا يصدق إن قدم موسرا، وهو نص قول ابن القاسم في كتاب ابن المواز، وظاهر ما في المدونة عندي.
والثالث أنه يصدق، قدم موسرا أو معسرا، وهو ظاهر قول سحنون، وابن كنانة هاهنا، وأما إن علمت حاله يوم خروجه باليسر أو العدم، فهو محمول على ما علم به من ذلك، وإن قدم على خلاف ذلك، هذا قول ابن الماجشون في الواضحة.
وحكى أبو عمر الإشبيلي في اختصار الثمانية لابن بطير أنها رواية لابن القاسم، وهو صحيح؛ لأنه إذا خرج موسرا فقد ثبت أن الإنفاق عليه واجب، فلا يسقط عنه إلا بيقين، وإذا خرج معدما، فقد ثبت أن الإنفاق قد سقط عنه، فلا يعود عليه إلا بيقين وقد تأول ابن زرب على سحنون، وابن كنانة، إن القول قوله، إن كان معدما وإن علم أنه خرج موسرا، وأنكره، وهو تأويل بعيد، لا سيما إن كان قدم موسرا أيضا.
وأما إن مات في مغيبه، فالقياس ألا شيء لها في ماله، إذا لم ترفع ذلك إلى السلطان، على ما حكى ابن القاسم آخرا أنه بلغه عن مالك؛ لأن المعلوم من شأن الأزواج النفقة على أزواجهم، وإنما كان لها على زوجها في ذلك اليمين، فلما مات سقط حقها في ذلك، إلا أن تدعي على الورثة أنهم علموا أنه لم يخلف عندها شيئا، ولا بعث إليها بشيء، فيكون لها أن تحلف منهم على العلم، من كان مالكا لأمر نفسه، وإلى هذا ينحو قول مالك أولا، وإن كان قد رأى أن يجتهد في ذلك واستحسنه ابن القاسم.
[مسألة: الرجل يشهد عليه بأنه طلق امرأته ألبتة]
مسألة وسئل مالك عن الرجل يشهد عليه بأنه طلق امرأته ألبتة،