الطريق، فأقاموا حتى أصبحوا، فإذا هم على غير الطريق التي خرجوا فيها، إلا أنها طريق إلى البلدة التي يريدون إليها.
فقال سحنون: لا حنث عليه.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأنه قد تبين أنهم أخطئوا الطريق التي كانوا عليها، وعلى ذلك حلف لا على أنهم على طريق إلى غير البلدة التي خرجوا إليها، وبالله التوفيق.
[مسألة: وقع بينه وبين امرأته كلام وكان يريد سفرا فقالت له لا تبرح فقال أنت طالق]
مسألة وسئل سحنون عن رجل حلف بطلاق امرأته، وذلك أنه وقع فيما بينه وبين امرأته كلام، وكان يريد سفرا، فقالت له: لا تبرح، فقال: أنت طالق، إن لم أسافر، ولا رجعت حتى أستغني.
فقال: أما إذا أفاد من المال قدر مائتي درهم، وكانت المائتا درهم غنى لمثله، ولم يكن عليه من الدين ما يفترقها، ووجبت عليه فيها الزكاة، فقد بر، وليرجع إن أحب.
قال محمد بن رشد: إنما حد في هذا مائتي درهم؛ لأن من ملك من المال ما تجب عليه فيه الزكاة فهو ممن يقع عليه اسم غني؛ بدليل أن الله تعالى أمر أن تؤخذ الصدقة من الأغنياء، فترد على الفقراء، وشرط أن تكون مايتا درهم غنى لمثله، يريد في حقه مؤنته، وقلة عياله؛ لأنه إذا كان كثير المؤنة، كثير العيال، يكون من الفقراء في أيسر مدة، ويذهب عنه الغنى ويرتفع عنه اسمه، ولم يقصد الحالف بقوله: حتى أستغني إلا غنى ينتفع بتماديه معه، واستطاعته به على زمانه، وقوله: قدر مائتي درهم، ولم يقل مائتي درهم يدل على أنه لو قدم بعروض للتجارة قيمتها مائتا درهم ولا دين عليه، هي غنى لمثله، لبر بذلك وكأن له أن يرجع؛ لأن العروض للتجارة تجب فيها الزكاة، فلا فرق بينها وبين العين في البر بها، قال سحنون في كتاب ابنه: وإن قدم بعرض يساوي عشرين دينارا، فليس ينجيه من الحنث ذلك إلا أن