ومن كتاب البيوع الأول قال: وسئل عمن ابتاع شاة فوجد جوفها فاسدا أخضر فظن أنه من ضربة ضربت الشاة، أترى له أن يردها؟ فقال: لا والله ما أظن له أن يردها قد يشتري المشتري فيقال له: سمينة ثم تأتي عجفاء فيردها، ويقول: هات الثمن، ما أرى له عليه شيئا، قيل له: فيحلف؟ قال: إن جاء بوجه حلف.
قال محمد بن رشد: قوله: فظن أنه من ضربة ضربت الشاة، يدل على أنه لو علم أن ذلك من ضربة ضربت لكان له أن يردها، فلم ير له أن يردها حتى يعلم ذلك؛ لأنه حمل أمرها على أن ذلك بها من غير جناية عليها كالسوس في الخشب لا يعلم به إلا بعد القطع، ولم ير على البائع يمينا أنه ما ضربها ولا علم أنها مضروبة إلا أن يأتي بوجه شبهة، وذلك على القول بأن يمين التهمة لا تلحق دون شبهة.
وقوله: قد يشتري المشتري الشاة ويقال له: سمينة ثم تأتي عجفاء إنه لا رد له، معناه أن البائع لم يقل له ذلك، وإنما قاله له غيره فاشتراها وهو يظنها سمينة.
وإما لو قال ذلك له البائع وشرط أنها سمينة، فوجدها عجفاء لكان ذلك عيبا فيها يجب له الرجوع بقيمته من الثمن؛ لأن الذبح فيها فوت.
وفي المبسوطة لأشهب أنه يرد فيها إلى القيمة، ومعنى ذلك إذا كانت قيمتها سمينة والثمن الذي اشتراها به سواء، فيرجع قوله إلى أن له الرجوع بقيمة العيب من الثمن كما قلناه؛ لأنه لا يرد إلى القيمة بعد الفوات إلا البيع الفاسد، وليس هذا ببيع فاسد، وإنما هو بيع عيب، وقد كان الشيوخ يختلفون من هذا المعنى في الذي يشتري الضحية فيجدها عجفاء، فمنهم من كان لا يرى في ذلك للمبتاع حجة على البائع ويحتج بهذه الرواية، وممن كان يذهب إلى ذلك ابن الفخار وابن القطان، وكان ابن الفخار يقول: ولو رضي البائع أن يأخذها منه مذبوحة ويصرف عليه الثمن لم يجز