قال محمد بن رشد: اختلف قول مالك في الرجل يملك امرأته أو يخيرها على شيء تعطيه إياه، فمرة رأى التخيير والتمليك في ذلك جار على سنته، لا تأثير لما أعطته من المال في شيء من ذلك؛ لأنها إنما أعطته المال على أن يملكها أو يخيرها، فإذا ملكها أو خيرها وجب له المال، وكان لها هي في ذلك سنة الخيار والتمليك، وهو قوله في هذه الرواية، فإن خيرها فقضت بالثلاث، لم يكن له أن يناكرها، وإن قضت بواحدة أو اثنتين، لم يكن لها شيء، وإن ملكها فقضت بما فوق الواحدة كان له أن يناكرها في ذلك، وتكون له الرجعة، ومرة رآها بما أعطته من المال على أن يملكها أو يخيرها في حكم المملكة أو المخيرة قبل الدخول؛ لأنها تبين بالواحدة بسبب المال، كما تبين المطلقة قبل الدخول بواحدة، بسبب أنه لا عدة عليها، فيكون له أن يناكرها في التخيير والتمليك إن قضت بما فوق الواحدة، وتكون طلقة بائنة، وعلى هذا القول يأتي قول ابن القاسم في رسم أوصى، ورسم إن خرجت، من سماع عيسى. وعليه قيل: إن من أعطته امرأته شيئا على أن يطلقها ثلاثا فطلقها واحدة، أنها لا حجة لها في ذلك، إذ قد نالت بها ما نالت بالثلاث، إذ هي بائنة، والله الموفق للصواب بفضله.
[يريد سفرا ويقول لامرأته إن لم آتك إلى أجل كذا وكذا فأمرك بيدك]
ومن كتاب حلف ألا يبيع سلعة سماها وسئل عن الرجل يريد سفرا، فتقول له امرأته: إني أخاف أن تبطئ عني، فيقول لها: إن لم آتك إلى أجل كذا وكذا، فأمرك بيدك، فمر الأجل، وتقيم بعد ذلك الشهر والشهرين، فتختار نفسها. أترى ذلك لها؟ وتقول: إني إنما أقمت انتظارا ولم أترك ذلك. قال: أرى الخيار لها. قلت له: أفترى أن تستحلف في مثل هذا أن إقامتها لم تكن تركا للخيار؟ قال: أرى أن يستحلف النساء في مثل هذا، وما أرى ذلك عليها.
قال محمد بن رشد: رأى مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - للمرأة أن تقضي في