لكان كلاما مستقيما، ولو قال أيضا: من دخل المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس، إلا أن يكون بعد الفجر، وقد ركع ركعتي الفجر لكان أيضا كلاما مستقيما، فلما لم يتحقق أي المعنيين أراد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقع الاختلاف المذكور. ووجه القول بأن الركوع أفضل هو أن الصلاة فعل بر، فلا يقال: إن تركها في هذا الوقت أفضل إلا أن يتحقق النهي عن ذلك؛ ووجه القول بأن ترك الركوع أفضل هو أن النهي أقوى من الأمر؛ لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذا نهيتكم عن شيء فانتهوا عنه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» . وأيضا فإن قوله:«إذا دخل أحدكم المسجد، فليركع ركعتين قبل أن يجلس» أولى بالتخصيص في هذا الموضع، إذ قد خصص في غيره من المواضع وهي الأوقات المنهي عن الصلاة فيها، فيحمل هذا الموضع عليها. وهذا القول أظهر. واستحب من رأى الركوع أفضل؛ لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذا دخل أحدكم المسجد، فليركع ركعتين قبل أن يجلس» أن يركعهما بنية الإعادة لركعتي الفجر، رغبة فيما جاء فيهما من الثواب، والله أعلم.
[مسألة: قراء يجتمع الناس إليهم يقرئونهم فكل رجل منهم يقرئ النفر يفتح عليهم]
مسألة وسئل عن قراء مصر الذين يجتمع الناس إليهم يقرئونهم، فكل رجل منهم يقرئ النفر يفتح عليهم. قال: ذلك حسن. قال ابن القاسم: ولا أرى بذلك بأسا.
قال محمد بن رشد: كان مالك يكره هذا، ولا يراه صوابا، ثم رجع فخففه، ولم ير به بأسا، وقع اختلاف قوله بعد هذا في رسم "حلف" من هذا السماع، وقال هاهنا: ذلك حسن. ووجه الكراهة فيه بين، وذلك إذا قرأ عليه