عليه ملك فكذلك لا تجوز لغيره، وليس ذلك بصحيح، والفرق بينه وبين غيره أنه إذا وهبه له فقد علم أن القصد في ذلك إنما هو ليرفع الحجر عنه في أن يصرفه إلى من أحب من الورثة، إذ لا يحتاج إلى هبته إن صح ولا ينتفع بها إن مات، فإذا لم يقض فيها بشيء حتى مات رجعت إلى الواهب، وإذا وهبه لغيره فقد ملكه بالهبة ما وهبه إياه، ولا يقال إن ذلك لا يجوز من أجل أنه وهبه ما لم يملكه بعد؛ لأنه لم يثبت له الآن، وإنما وهبه له بشرط ملكه له بموت موروثه، كما لو قال: إن ملكت فلانا فهو حر أو إن ملكته فهو لفلان، فلا فرق في وجه القياس بين صحة الموروث ومرضه في هبة الوارث لميراثه منه، والتفرقة في ذلك بين الصحة والمرض استحسان، ويتحصل على هذا في المسألة ثلاثة أقوال: الجواز، والمنع، في الحالين، والفرق بينهما وبالله التوفيق.
[مسألة: من كان عدلا مؤتمنا فلا يحتاج إلى اختبار صدقه]
مسألة وسئل: عن رجل يعرف الدابة أو الرأس ويشهد له على ذلك هل يجمع له دواب أو رقيق فيدخل فيهم، ثم يقول للشهود أخرجوها؟ قال: لا ليس ذلك على أحد في دواب ولا رقيق ولا ثياب ولا غير ذلك، وهذا خطأ ممن يفعله إذا كان الشهود عدولا لا يشك في عدالتهم قبل شهادتهم، ولم يلتمس منهم غير ذلك.
قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قاله؛ لأن من لا يؤتمن في قوله حتى يختبر صدقه من كذبه فليس ممن تجوز شهادته، ومن كان عدلا مؤتمنا في قوله مقبول الشهادة فلا يحتاج إلى اختبار صدقه من كذبه، وبالله التوفيق.
[مسألة: شهد لرجل بحق على رجل وعلى الشاهد نفسه حق عليهما جميعا]
مسألة وسئل: عن شاهد شهد لرجل بحق على رجل وعلى الشاهد