لهما في مرضه التحجير فيما زاد على الثلث، وفي الوصية لوارث، وقد أجاز أصبغ في نوازله بعد هذا من هذا الكتاب شهادتهما في ذلك، وأعتل لهما بأنهما خرجا عنه بالهبة قبل أن يصير إليهما بالملك التام، فتأول بعض الناس عليه أن الهبة على تعليله لا تلزمهما، وليس ذلك بصحيح، إذ لو لم تلزمهما الهبة إلا أن يجيزاها بعد موته لما صح أن تجوز شهادتهما؛ لأن إجازتهما لهبتهما بعد موته كابتداء الهبة، وإجازته لهبتهما ولشهادتهما بين من قوله فلا أعرف نص خلاف في أن هبة الوارث لميراثه في مرض الموروث جائزة وهو بين من قول ابن القاسم في هذه الرواية ونص من قوله في رسم الأقضية والحبس من سماع أصبغ من كتاب الصدقات والهبات؛ لأنه قال فيه: إن ذلك يلزمه إلا أن يقول: كنت أظنه يسيرا لا أعلم أنه يبلغ هذا القدر ويشبه ذلك من قوله فيحلف على ذلك ولا يلزمه، ومثله لمالك في الموطأ؛ لأنه قال فيه: إن الميت إذا قال لبعض ورثته إن فلانا- لأحد من ورثته- ضعيف، وقد أحببت أن تهب له ميراثك فأعطاه إياه أن ذلك جائز إذا سماه له الميت، إذ لا فرق بين أن يهب أحد الورثة ميراثه لمن سواه من الورثة أو لأجنبي من الناس ولا بين أن يسميه له الميت أو لا يسميه له، وما في رسم نقدها من سماع عيسى من كتاب الصدقات والهبات محتمل للتأويل على ما سنذكره إذا مررنا به إن شاء الله، ومن الناس من ذهب إلى أن هبة الوارث لميراثه هي مرض الموروث لا تجوز؛ لأنه وهب ما لم يملك بعد على ما في المدونة من أن المريض إذا استأذن ورثته في أن يوصي لبعضهم، فأذنوا له لزمهم إذ لم يحكم له بحكم المالك في الميراث للمرض، وإنما كان له التحجير على موروثه فيه، فإذا رفع عنه التحجير بالإذن لزمه وإن لم يكن مالكا للمال، وقال: إن ذلك يقوم أيضا من قول مالك في الموطأ إن الوارث إذا وهب لموروثه في مرضه ميراثه منه فمات قبل أن يقضى فيه أنه يرد إليه، إذ لو أجاز هبته له لقال: إنه لا يكون له من ذلك إلا ميراثه منه، قال: فكما لا تجوز هبته له من أجل أنه لم يتقرر له