] وسئل مالك عمن يمسح رأسه بفضل ذراعيه، فقال: لا أحب ذلك. قيل لابن القاسم: فلو مسح بفضل ذراعيه وبفضل لحيته ثم صلى فلم يذكر حتى خرج الوقت، قال: يعيد وإن ذهب الوقت، وليس هذا بمسح.
قال محمد بن رشد: أما مسح الرجل رأسه بفضل ذراعيه فلا يجوز؛ لأنه لا يمكن أن يتعلق بذراعيه من الماء ما يمكنه به المسح ويكفيه له. وليس في قول مالك: لا أحب ذلك - دليل على أنه إن فعله أجزأه؛ لأنه قد يقول لا أحب تجوزا فيما لا يجوز عنده بوجه، فقد كان العلماء يكرهون أن يقولوا هذا حلال وهذا حرام فيما طريقه الاجتهاد، ويكتفون بأن يقولوا: أكره هذا ولا أحب هذا ولا بأس بهذا وما أشبه هذا من الألفاظ، فيُجتزى بذلك من قولهم ويُكتفى به. وكذلك فضل اللحية إذا لم يتعلق بها من الماء ما فيه كفاية للمسح، وعلى هذا تكلم ابن القاسم في هذه الرواية بدليل قوله: وليس هذا بمسح، وقد اختلف إذا عظمت فكان فيما يتعلق بها من الماء ما فيه كفاية للمسح وفضل بين، فأجاز ابن الماجشون لمن ذكر مسح رأسه وقد بعد عنه الماء أن يمسح بذلك البلل، ومنع مالك من ذلك في المدونة، وهذا الاختلاف جار على اختلافهم في إجازة الوضوء بالماء المستعمل عند الضرورة، فظاهر قول مالك في المدونة أن ذلك لا يجوز مثل المعلوم من قول أصبغ خلاف قول ابن القاسم، وبالله التوفيق.