أصبغ بعد هذا، لعموم لفظ النهي عن الرطب باليابس. والثاني أن ذلك جائز وإن لم يتبين الفضل بينهما، وهو قول ابن القاسم في رسم باع شاة بعد هذا، فمنه ما يجوز فيه التفاضل بالتحري. والثالث أن ذلك جائز إن تبين الفضل بينهما، وغير جائز إن لم يتبين الفضل بينهما؛ وهو قول ابن القاسم في سماع أبي زيد من كتاب جامع البيوع في القرط الرفيع بالقرط اليابس، والتفاح الأخضر بالتفاح المقدد؛ وهو دليل اعتلاله في هذه الرواية، وفي سماع أصبغ أيضا بالغرر، والمخاطرة، والمزابنة؛ وقياسه فيها الخوخ وعيون البقر على التين والتمر بعيد؛ لأن التمر لا يجوز فيه التفاضل، فلا خلاف في أنه لا يجوز بالرطب على حال. وكذلك التين لا يجوز فيه أيضا التفاضل؛ لأنه مما ييبس ويدخر؛ روى ذلك ابن وهب عن مالك، فالأخضر منه باليابس لا يجوز أيضا على حال؛ وقد قيل إن ذلك كله ليس باختلاف من القول، وإنما يرجع ذلك إلى أنه إن تبين الفضل بينهما وسلما من المزابنة جاز، وإن لم يتبين الفضل بينهما لم يجز، وإلى هذا ذهب الفضل؛ وأما الرطب باليابس من صنفين كانا مما يجوز فيه التفاضل، أو مما لا يجوز فيه التفاضل، فلا اختلاف في جوازه بكل حال.
[مسألة: باع ثوبين بسلعة موصوفة إلى أجل]
مسألة وسألته عمن باع ثوبين بسلعة موصوفة إلى أجل، ثم باع تلك السلعة قبل الأجل من صاحبها الذي هي عليه بثوب من صنف ثوبيه، قال لا بأس به، وإنما هو بمنزلة دينارين في سلعة إلى أجل، ثم باعها منه بدينار، فليس في هذا شيء.
قال محمد بن رشد: إنما جاز هذا؛ لأن الأمر آل بينهما إلى أن دفع البائع إلى المبتاع ثوبين، ثم أخذ منه بعد ذلك ثوبا واحدا من صنف ثوبيه، وإلى أن دفع المسلم إلى المسلم إليه دينارين، ثم أخذ منه بعد ذلك دينارا واحدا؛ ولا يتهم أحد في أن يدفع ثوبين في ثوب من صفته إلى أجل، ولا دينارين في دينار واحد إلى أجل، وإن كان لا يجوز أن يسلم الرجل ابتداء