وتقسم بينهم على السواء؛ لأنهم شهدوا لأنفسهم، فوجب ألا تجوز شهادتهم على ذلك، إلا أن يكون الذي ينوبهم من ذلك شيء يسير، فيجوز على اختلاف في ذلك، قد ذكرناه في مسألة أفردنا القول فيها على هذا المعنى. وأما القول بأن الوصية تقسم بينهم على الاجتهاد ويبدأ الفقير منهم على الغني في ذلك، فإن كان الذين شهدوا على الوصية أغنياء لا ينالهم من الوصية شيء، وجب أن تجوز شهادتهم، إلا أن تكون الوصية بحبس تقسم غلته في كل عام، فلا تجوز شهادتهم وإن كانوا أغنياء، إذ قد يفتقرون فيكونون إنما شهدوا ليجيزوا الوصية إليهم إن افتقروا. وأما قوله: إن الوصية بثلثه لا تدخل في الطعام الذي أوصى أن يحبس لنفقة عياله، فهو بين ظاهر المعنى، وبالله التوفيق.
[: أوصى لعبده بعتقه أيعتق حين يموت الموصي]
ومن كتاب العتق وسمعته يسأل عمن أوصى لعبده بعتقه، أيعتق حين يموت الموصي؟ أم حتى يقام المعتق؟ فقال: أما العبد الذي لا يشك فيه أنه يخرج من الثلث، لكثرة ما ترك الموصي من المال، وإذا كان ذلك مأمونا، فأرى أنه حين مات الموصي وإن مات قبل أن يقام ورثته من الأحياء.
قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قاله؛ لأنه إنما يقام ما يخشى ألا يحمله الثلث، وأما ما لا يشك أنه أقل من الثلث فهو حر يوم يموت الموصي. ولا يدخل هذه المسألة الاختلاف في الذي يعتق عبده في مرضه، وله مال مأمون، هل يسأل عتقه الآن في مرضه؟ أو حتى يموت؟ لاحتمال أن يطول مرضه حتى يتلف ذلك المال المأمون، وإن كان ذلك نادرا. وأما هذا العبد الذي مات سيده الذي أوصى بعتقه وله مال مأمون لا يشك أن العبد يخرج من ثلثه، ليس فيه أمر يتوقع، وبالله التوفيق.