وجه القول الأول من طريق النظر: أنه قد ثبت أن الأشياء ملك مالك، والأصل أنه لا يستباح ملك أحد إلا بإذنه.
ووجه القول الثاني: أن خلق الله له دليل على الإباحة؛ إذ يقول:{لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ}[الأنعام: ١٤٥] ، فوجب أن يكون ما عدا هذا مما لم يثبت فيه عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - نهي مباحا، وبالله تعالى التوفيق.
[تفسير الراسخين في العلم]
في تفسير الراسخين في العلم وسئل مالك: عن تفسير {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ}[آل عمران: ٧] ، قال: العالمون العاملون بما علموا المتبعون له.
قال محمد بن رشد: قول مالك في الراسخ في العلم: إنه العالم العامل بما علم المتبع له، معناه: أنه العالم المتحقق بما علم العالم العامل به المتبع له - هو معنى ما روي من «أن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، سئل: مَنِ الراسخ في العلم؟ فقال: " من برت يمينه، وصدق لسانه، واستقام به قلبه، وعف بطنه، فذلك الراسخ في العلم» ، ويشهد بصحة هذا قول الله عز وجل:{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}[فاطر: ٢٨] لأنه كلام يدل على أنه من لم يخش الله فليس بعالم.
وقد اختلف في قوله عز وجل:{وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ}[آل عمران: ٧] .
فقالت طائفة: إن الراسخين في العلم يعلمون تأويل المتشابهات،