وهذه مسألة قد اختلف فيها الصحابة ومن بعدهم من التابعين، فمنهم من أجاز للمحرم أن يتطيب قبل الإحرام بما يبقى عليه بعد الإحرام، وأن يتطيب إذا رمى الجمرة قبل أن يطوف طواف الإفاضة، ومنهم من لم يجز ذلك، منهم عمر بن الخطاب جاء عنه أنه وجد ريح طيب من ذي الحليفة من معاوية بن أبي سفيان وابن كثير بن الصلت فتغيظ عليهما وأمرهما بغسل ذلك عنهما، وأنه قال بخطبته في عرفة في الحج: إذا جئتم منى فمن رمى الجمرة فقد حل له ما حرم على الحاج إلا النساء والطيب، وإلى هذا ذهب مالك فلم يجز لأحد أن يتطيب قبل الإحرام بطيب يبقى عليه بعد الإحرام، ولا أن يطيب قبل طواف الإفاضة، وإن كان قد رمى الجمرة، إلا أنه لا يرى على من فعل ذلك الفدية، لما جاء في ذلك من الاختلاف وحصل بين العلماء من الصحابة ومن بعدهم، والله الموفق.
[قول النبي عليه السلام في عمر بن الخطاب]
في قول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - في
عمر بن الخطاب وعنه أيضا عن نافع عن ابن عمر أن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قال:«إن الله جعل الحق على قلب عمر ولسانه» .
قال محمد بن رشد: ويروى: «إن الله ضرب بالحق على قلب عمر ولسانه» والمعنى في ذلك سواء، وهو أنه كان يرى الرؤية بقلبه ويقوله بلسانه فيوافق فيه الحق، وقد نزل فيه القرآن، بموافقته في تحريم الخمر، وفي أسرى بدر، وفي الحجاب، وفي مقام إبراهيم على ما جاء في ذلك كله، وكان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يظن الظن ما يكاد يخطئه، روي عن عبد الله بن