كان أبوه قد طلقها وتزوجت الأزواج استحسان مخافة الفتنة عليه، إذ ليست في تلك الحال زوجة لأبيه، وكره ابن القاسم أن يسافر بها، فارقها أبوه أو لم يفارقها؛ لاحتمال أن يكون أراد النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بقوله:«لا تسافر امرأة مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم منها» ذوي محارمها من النسب دون الصهر، فقول مالك في حمل الحديث على ظاهره من العموم أظهر، وقول ابن القاسم أحوط، وبالله التوفيق.
[مسألة: وصية الرجل بتزويج ابنته]
مسألة قال: وسئل مالك عن الرجل تحضره الوفاة فيقول: إن ابن أخي قام مع ولدي في تركتي حتى يبلغوا، فقد وصلته بابنتي، فلما هلك ترك ابن أخيه القيام في ذلك وغاب إلى بلد آخر، فسئل مالك عن ذلك فقال: أراه قد ترك الذي اشترط عليه عمه من ذلك ولا أرى له نكاحا إلا أن تشاء الجارية أن تنكحه نكاحا جديدا، وكان أبوهم قد ترك الجارية وأخاها وهما صغيران لم يبلغا ثم بلغا وسألا مالكا عن ذلك فقال: إذا لم يقم فلا أرى نكاحه إلا منتقضا، ولتنكح إن شاءت، قال ابن القاسم: ولو قام بالذي أوصى عمه لرأيت أن يزوج ويكون على ابن الأخ الصداق، وقد سمعت مالكا غير مرة وهو يسأل ونزلت به عن الرجل يوصي أن تزوج ابنته ولا يزوجها هو، وإنما أوصى أن تزوج، فرأى أن ينفذ ما أوصى به من ذلك، وقد كان بعض الناس يقول: ليس ما أوصى به مثل ما زوج، فرأيت مالكا أنفذه وأمر به، ورآه واحدا ولم يختلف عنده مثل ما يقول: زوجوها ابن أخي، أو زوجوها فلانا.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأن ما جاز للرجل أن يوصي به دون شرط جاز له أن يوصي به على شرط، فإذا كان للرجل أن يوصي أن تزوج ابنته من ابن أخيه جاز له أن يوصي أن تزوج منه إن قام في تركته مع