أشتريه بستمائة درهم، قال فمضت ساعة ثم قال: أخشى أن لا يشتري أحد ثوبا بستمائة درهم وهو يخاف الله. وترك أيضا في خلافته أن يخدم على ما مضى في الرسم المذكور، فكان يدخل بعد المغرب فيجد الخوان موضوعا عليه منديل فيتناوله فيقربه إليه ويكشف المنديل فيأكل ويدعو عليه من كان معه، وبالله التوفيق.
[ما يروى من الكرامات]
فيما يروى من الكرامات قال مالك: سمعت أن قوما أخذوا شاة فذبحوها فنهاهم عن أخذها رجل، فأبوا إلا أن يفعلوا. فلما ذبحوها كسلوا عن إصلاحها فتركوها، فقال: قد نهيتكم عن ذبحها فأبيتم ثم تركتموها تفسد باطلا، ثم قام هو فأصلحها وعملها لهم حتى فرغ منها، ثم قال لهم: هاكم كلوا وأبى أن يأكل معهم شيئا منها. فقالوا له تعال كل معنا، فأبى أن يفعل وانطلق ينام تحت شجرة، فانتبه وعنده رطب من أرض الروم في أرض ليس فيها رطب.
قال محمد بن رشد: ما فعل الرجل من إصلاح الشاة كيلا تفسد فلا ينتفع بها إن تركت حسن من الفعل يؤجر عليه فاعله عليه؛ لأنه يصير بإصلاحها لهم قد أطعمهم إياها. وأما انتباهه وعنده الرطب فذلك- إن صح- كرامة له. وكرامات الأولياء يصدق بها أهل السنة لجوازها في العقل، والعلم بوجودها في الجملة من جهة النقل المتواتر وإن لم يثبت شيء منها بعينه تواترا في جهة ولي من الأولياء في غير زمن النبوءة، وبالله التوفيق.