مسألة قال أصبغ: سمعت أشهب، وسئل: عن الرجل اشترى من رجل ثوبا بثلثي دينار ونصف قيراط، فدفع إليه قطعة فيها ثلثا دينار، وأعطاه بالنصف قيراطا ورقا. قال: لا بأس بذلك فيما دون الدينار، وما دون الدينار فهو مجموع.
قال محمد بن رشد: أجاز هذا هاهنا واستثقله في رسم البيوع الثاني بعد هذا، وقوله وما دون الدينار فهو مجموع، يحتمل وجهين من التأويل: أحدهما: أن يكون إنما قال فيه بأنه مجموع، إذ العرف في البلدان أن الناس يتبايعون فيما دون الدينار من الذهب بذهب مجموع موزون، والثاني: أن يكون أراد أن له حكم المجموع في جواز أن يأخذ ببعضه ذهبا، وبما نقص ورقا وإن لم يكن مجموعا، فالإجازة هاهنا على التأويل الأول بينة لا معنى للاستثقال فيه؛ لأن من له ذهب مجموعة فجاز له إذا اقتضاها أن يأخذ بما نقص من حقه دراهم أو ورقا، أو ما شاء من العروض.
وقول أصبغ فيما يأتي في رسم البيوع: وما كان دون الدينار فهو مجموع وبمنزلة المجموع، كلام غير محصل، إذ لا يصح أن يكون مجموعا وبمنزلة المجموع، إما أن يكون مجموعا على أحد التأويلين، أو غير مجموع على التأويل الثاني، وقد مضي بيانهما، وتفسير الحكم فيهما، والكراهة في رسم البيوع الثاني بعد هذا على التأويل الثاني؛ لأن الواجب له عليه أعني على التأويل الثاني صرفه من الدراهم، فإذا أخذ في الدراهم الواجبة له عليه ذهبا وورقا في مجلس واحد وجب أن لا يجوز، ولو كان ذلك في مجلسين لجاز، مثل أن يأتيه فيأخذ منه درهما أو درهمين من ورق، ثم ينصرف عنه ويأتيه في مجلس آخر فيأخذ منه بقية