ومن كتاب يوصي لمكاتبه بوضع نجم من نجومه وسألته عن رجل هلك وترك ولدا وترك ثلاثة أعبد، وليس مع الولد وارث غيره، فقال: هذا العبد أوصى أبي بعتقه، ثم قال بعد ذلك: لا ليس هو هذا، ولكن هو هذا، ثم قال بل هو هذا، حتى ينصهم بثلاثتهم. قال يُقوَّمون ثلاثتهم ثم ينظر إلى قيمتهم ثلاثتهم فيعتق في كل واحد ثلث قيمتهم ثلاثتهم سواء أعتقوا ثلاثتهم، وإن كانت قيمتهم مختلفة فمن كانت قيمته منهم ثلث قيمتهم ثلاثتهم، عتق كله. ومن كانت قيمته أكثر من ثلث قيمتهم عتق منه ما حمل الثلث من قيمتهم. فعلى هذا يعتقون.
قال محمد بن رشد: المعنى في هذه المسألة إن لم يكن له مال غيرهم، ولذلك قال: إنه يعتق في كل واحد منهم ثلث قيمتهم ثلاثتهم؛ لأنه قد أقر لكل واحد منهم أنه هو المعتق، فوجب أن يعتق إن كانت قيمته ثلث قيمتهم ثلاثتهم فأقل، مثال ذلك أن تكون قيمة أحدهم عشرة، وقيمة الثاني عشرون، وقيمة الثالث ثلاثون، فالذي قيمته عشرة، يقول له: قد أقررت لي أني أنا هو الذي أوصى أبوك بعتقه، فأعتقني؛ لأن قيمتي أقل من الثلث، والذي قيمته عشرون يقول له: قد أقررت لي أنا هو الذي أوصى أبوك بعتقه، فأعتقني؛ لأن قيمتي الثلث. والذي قيمته ثلاثون يقول له: قد أقررت لي أني أنا هو الذي أوصى أبوك بعتقه، فأعتق مني ثلث قيمة العبيد؛ إذ لم يترك أبوك مالا غيرهم، فهو عشرون، فيعتق منه ثلثاه، ولو ترك من المال سوى العبيد ثلاثين دينارا لعتق جميع العبد الذي قيمته ثلاثون أيضا لحمل الثلث له، فالأصل في هذا أن يعتق كل واحد منهم إن كان يحمله ثلث مال الميت، ومن لم يحمله منهم ثلث الميت، عتق ما حمل الثلث منه. وبالله التوفيق.