إذا أخذت منه الزكاة كرها - على قولين؛ أحدهما: أنه تجزئه من الزكاة؛ لأن الزكاة متعينة في المال، فإذا أخذها منه من إليه أخذها، أجزأت عنه، كما تجزئ عن الصبي، والمجنون؛ والثاني: أنها لا تجزئه، إذ لا نية له، والأول أظهر؛ لأن النية في ذلك موجودة من المأمور بأخذها، وأما ما أكلت منه الدواب والبقر، في حين الدرس، فليس عليه أن يحصي شيئا من ذلك؛ لأنه أمر غالب بمنزلة ما لو أكلته الوحوش، أو ذهب بأمر من السماء، وبالله تعالى التوفيق.
[حب القرطم هل فيه زكاة أم لا]
ومن كتاب أوله اغتسل على غير نية قال مالك: في حب القرطم الصدقة، سحنون أحب إلي ألا تكون فيه الصدقة، وهو قول مالك؛ وقد كان ابن القاسم يرى فيه الصدقة من زيته، ولا يعجبني ذلك.
قال محمد بن رشد: قول ابن القاسم خلاف قولي مالك جميعا؛ لأن الظاهر من قول مالك في حب القرطم الصدقة، - أن الصدقة تؤخذ منه حبا، فتحصيل الاختلاف في ذلك، أن فيه قولين؛ أحدهما: أن الزكاة لا تجب فيه، والثاني: أنها تجب فيه، قيل في حبه - وهو ظاهر أحد قولي مالك، وقيل في زيته - وهو قول ابن القاسم، وقول مالك في الرسم الذي بعد هذا، والأظهر أن الزكاة لا تجب فيه؛ لأنه ليس من الحبوب التي تدخر للاقتيات بها، ولا من الثمار، فالقول بأن الزكاة تؤخذ من زيته إغراق، ومن أوجب الزكاة فيه قاسه على الزيتون، وما أنفق الناس على الزيتون في قياسه على ثمار النخيل، والأعناب؛ لأن الشافعي لا يرى فيه الزكاة - وهو مذهب ابن وهب من أصحابنا، فالشافعي لا يرى الزكاة في شيء من الثمار، إلا في ثمار النخيل والأعناب؛ ومالك يراها في ثمار النخيل، والأعناب، والزيتون، وابن حبيب يراها في جميع الثمار الثابتة - كان مما يدخر أو مما لا يدخر، بظاهر قوله عز وجل: