للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من ذهب إلى أنها واجبة؛ قول الله عز وجل: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦] ، ولا حجة في ذلك؛ لأن الأمر بإتمام الشيء لا يتناول إلا لمن دخل فيه، وقالوا أيضا: ولما قال الله: {يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ} [التوبة: ٣] دل على أن ثم حجا أصغر وهو العمرة، وهذا لا حجة فيه أيضا؛ لأنه تأويل تعارض بما هو أولى منه، وقد ذكرنا ما قيل في ذلك في رسم مساجد القبائل.

[مسألة: إمام الحاج أيتعجل في يومين]

مسألة وسئل مالك عن إمام الحاج أيتعجل في يومين؟ قال: لا يعجبني، قيل: فأهل مكة يتعجلون في يومين؟ قال: لا أرى لهم ذلك إلا أن يكون لهم عذر من مرض أو تجارة يرجع إليها، قيل: فالرجل له المرأة الواحدة، فيريد أن يتعجل إليها، قال: فلا أرى ذلك مما حل الناس له إلا للمرأة الواحدة، فلا أرى إلا أن يكون له عذر من مرض أو ما أشبه، قال ابن القاسم: وقال لي مالك قبل ذلك: لا أرى به بأسا، وأهل مكة كغيرهم، وهو أحب قوله إلي.

قال محمد بن رشد: أما كراهيته للإمام أن يتعجل في يومين فبينة؛ لأن رمي الجمار في اليوم الثالث من بقية عمل الحج، ينبغي للإمام ألا يتعجل قبله ليقتدى به فيه، ويأتم به من لم يتعجل من الحاج، وأما أهل مكة، فالأظهر أنهم وغيرهم في التعجيل سواء؛ لأن الله قال تعالى: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: ٢٠٣] ، يريد في ترك الأخذ بالرخصة، إذ قد علم أنه لا إثم في الإتيان بالأكمل إلا من وجه ترك قبول الرخصة، فلذلك يبين الله تعالى أنه لا إثم في ذلك، ولم يخص أهل مكة من غيرهم

<<  <  ج: ص:  >  >>