إبراهيم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما دعا الناس إلى الحج كما أمره عز وجل حيث يقول:{وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالا}[الحج: ٢٧] من عرفة فإليها تنهي غاية الملبي. وأجاز مالك لمن أبقَ غلامه، أو ذهب بعض متاعه في ذهابه إلى الحج، فرجع في طلبه أن يلبي في رجوعه في طلبه، لأنه في حكم الذاهب، وقد مضى في هذا الرسم من هذا السماع في كتاب الحج. وبالله التوفيق.
[التحذير من الأهواء]
في التحذير من الأهواء
قال مالك: كان هاهنا رجل يقول: ما بقي من دين إلا وقد دخلت فيه يعني الأهواء فلم أر شيئاً مستقيماً، يعني بذلك فرق الِإسلام، فقال له الرجل: أنا أخبرك ما شأنك لم تعرف المستقيم، إِنك رجل لا تتقي الله. يقول الله في كتابه:{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا}[الطلاق: ٢] .
قال محمد بن رشد: أهل الأهواء على ثلاثة أقسام: قسم يكفرون بإجماع وهم الذين اعتقادهم كفر صريح، كالذين يقولون: إِن جبريل أخطأ بالوحي، وإنما كان النبي علي بن أبي طالب. وقسم لا يكفرون بإجماع وهم الذين لا يؤول قولهم إلى الكفر إلا بالتركيب، وهو أن يقال: إذا قال كذا وكذا، فلزمه عليه كذا أو كذا وإذا قال كذا وكذا لزمه عليه كذا وكذا، حتى يؤول بذلك إلى الكفر. وقسم يختلف في تكفيرهم وهم الذين يعتقدون مذهباً يسد عليهم طريق المعرفة بالله تعالى، كنحو ما يعتقده القدَرية والمعتزلة والخوارج، والروافض. فروي عن مالك أنهم يكفرون بمآل قولهم. قاله في أول سماع ابن القاسم من كتاب المحاربين والمرتدين، فيستتابون على هذا القول كالمُرْتَدِّ وقيل: إنهم لا